مياه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

موارد المياه في العراق

هوار الحويزة في العراق - موارد المياه في العراق
صورة جوية التقطت في 24 سبتمبر 2021 تظهر أهوار الحويزة على بعد 420 كم جنوب بغداد على الحدود العراقية الإيرانية. العراق ، الذي عانى من أربعة عقود من الحرب، هو أيضًا أحد أكثر دول العالم عرضة لأزمة المناخ ويواجه مجموعة من التحديات البيئية الأخرى. المصدر: Asaad NIAZI / AFP

المياه السطحية

النهران المهيمنان في العراق هما دجلة والفرات. وتمثل مستجمعات المياه، بما في ذلك روافدهما، 100% من المياه السطحية في البلاد. هذه الأنهار ، والتي ساعدت في ري جنة عدن في قصة سفر التكوين، توفر اليوم مياه الشرب، وتغذي الصناعة، فضلاً عن ري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

ينبع نهرا دجلة والفرات، وهما من الأنهار العابرة للحدود، من تركيا. وقبل التقائهما بشط العرب، يتدفق نهر الفرات لحوالي 1,000 كيلومتر، ونهر دجلة لحوالي 1,300 كيلومتر داخل الأراضي العراقية. لطالما كانت حقيقة أنّ هذه الأنهار الهامة لا تنبع داخل البلاد مصدر توترٍ مع جيران العراق على ضفاف النهر، فضلاً عن الموقف الصعب الذي يعانيه العراق عندما يتعلق الأمر بتخطيط وإدارة موارده المائية.

وبالإضافة إلى هذه الأنهار الرئيسية، هناك أيضاً عددٌ من الروافد الرئيسية، بما في ذلك نهر الزاب الكبير (الذي ينبع من تركيا)، ونهر الزاب الصغير (الذي ينبع من جمهورية إيران)، ونهر ديالي (الذي ينبع من جمهورية إيران)، ونهر العُظيم، الذي يغطي مسافة حوالي 13,000 كيلومتر مربع جميعها داخل الأراضي العراقية، وأنهر الطيب والدويرج والشهابي التي تغطي معاً أكثر من 8,000 كيلومتر مربع. وفي جنوب العراق، تبلغ مساحة نهر الكرخة، الذي يوجد مجراه الرئيسي في جمهورية إيران، أكثر من 50,000 كيلومتر مربع ويتدفق إلى هور الحويزة حيث يرتبط عند المصب مع أنظمة نهري دجلة والفرات. [1] بينما رافد المصب الأكثر أهمية هو نهر الكارون، إذ تبلغ مساحة الحوض حوالي 67,000 كيلومتر مربع، والذي له تأثير أساسي على تسرب المياه المالحة على طول شط العرب.[2]

يُقدر التدفق الطبيعي لمستجمعات مياه الفرات ما بين 27 إلى 35,1 مليار متر مكعب/ السنة، في حين يصل تدفق مستجمعات مياه دجلة، بما في ذلك روافده، ما بين 41,2 إلى 58,3 مليار متر مكعب/ السنة. [3] تختلف هذه التقديرات بشكل كبير بحسب المصادر، ويعود هذا إلى سببين: نُدرة البيانات الصادرة عن السُلطات المؤهلة، والتباين الكبير للتدفق المسجل في محطات القياس. وعلى الرغم من هذا التناقض في كمية المساهمة الطبيعية للنهرين في العراق، فمن المُسلم به عموماً أن كمية التدفق السطحي قد انخفضت بسبب تدهور التدفق عند المنبع بما نسبته 30%. ومن المتوقع أن يزداد هذا التأثير في السنوات العشرين المقبلة، مما يحدّ من المياه المتاحة للعراق بما تصل نسبته إلى 60%.[4]

المياه الجوفية

يمكن تقسيم العراق إلى سبع مناطق هيدروجيولوجية وفقاً لمختلف خصائصه الفيزيائية- الجغرافية، والهيكلية، والجيولوجية والهيدروجيولوجية. (الخريطة 1).

المناطق الهيدروجيولوجية في العراق - موارد المياه في العراق
الخريطة (1): المناطق الهيدروجيولوجية في العراق. المصدر: Fanack Water

يهيمن الحجر الجيري على جغرافية بعض المناطق، مما يؤدي إلى تطوير طبقات المياه الجوفية الكارستية واسعة الانتشار في الشمال الشرقي من البلاد وفي الصحاري في الجنوب. إن المعاملات الهيدروليكية في هذه الخزانات متغيرة للغاية، مما يمثل تحدياً لرصد ديناميكيات المياه الجوفية. [5] غالباً ما تكون موارد المياه الجوفية المحلية أيضاً جزءاً من أنظمة الخزان الجوفي الأكبر والتي يتم مشاركتها مع البلدان المجاورة.

تتم إعادة تغذية المياه الجوفية من ثلاثة مصادر رئيسية: بشكلٍ طبيعي من هطول الأمطار وتسرّب المياه السطحية، وبشكلٍ صناعي من الري في الزراعة. تحدث إعادة التغذية بشكلٍ رئيسي في المناطق الشمالية في العراق، والتي تشهد هطولات مطرية أكثر ، حيث يمكن أن تصل معدلات إعادة التغذية إلى 100-300 ملم / السنة. في حين أن معدلات إعادة تغذية المياه الجوفية في الجنوب تكاد لا تذكر، إذ تقل عن 20 ملم/ السنة. [6] بينما قدرت إعادة التغذية السنوية وعائد المياه الجوفية المستدامة بحوالي 5 مليار متر مكعب/ السنة، أي بما يمثل جزءاً صغيراً من موارد المياه السطحية للبلاد، [7] إلا أن معدل إعادة تغذية المياه الجوفية ما يزال غير مفهوم بشكل كامل.

يتأثر تخزين المياه الجوفية بشكل حساس للغاية باستهلاك وتوافر المياه السطحية، لدرجة أن أي تغييرات في السحب من الآبار يمكن أن تؤثر على التصريف على طول النهر، وأي تغيرات في تدفق المجرى يمكن أن تؤثر على حجم المياه الجوفية المتاحة. لذلك، إذا تم تقليل كمية التدفق السطحي الوافد إلى العراق من جيرانه على ضفاف النهر بالقدر الذي كان متوقعاً، فسيكون هناك أيضاً تأثير كبير على أنظمة المياه الجوفية.[8]

الموارد غير التقليدية

في عام 2014، قد كلفت الحكومة العراقية ائتلافاً دولياً لبناء أول محطة رئيسية لتحلية المياه في البلاد في الهارثة، على بعد 20 كلم شمال البصرة، حيث تم الانتهاء من بناء المحطة في عام 2019. وقد صُممت المحطة العاملة بتقنية التناضح العكسي لتحلية 199,000 متر مكعب من المياه المالحة من شط العرب يومياً، وتوفير مياه الشرب لـ400,000 نسمة في البصرة، إذ يعدّ هذا جزءاً من مشروع حكومي أكبر لتحسين إمدادات المياه في محافظة البصرة. ويجري حالياً وضع خطط لتشييد محطة تحلية أخرى واسعة النطاق في الفاو على طول ساحل الخليج.[9]

إعادة استخدام مياه الصرف الصحي

إن إعادة الاستخدام الحالية لمياه الصرف الصحي المعالجة في العراق لا تكاد تذكر، وذلك لسببين رئيسيين: أولاً، لأن قدرة البنية التحتية لمعالجة مياه الصرف الصحي في جميع أنحاء البلاد محدودة، لا سيما في المناطق الريفية، وثانياً، لأن قطاع المياه يفتقر للمعرفة اللازمة بكفاءة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي. [10] وبالرغم من أن هناك بعض المشاريع التجريبية حول استخدام مياه الصرف الصحي البلدية المعالجة في الزراعة، إلا أن التطبيق على نطاقٍ واسع غائبٌ حتى الآن. [11] وعليه، فتتضمن الاستخدامات الموصى بها لمياه الصرف الصحي المعالجة البلدية، تنظيف الشوارع وري الحدائق واستخدامها في القطاع الزراعي مثل ري المحاصيل العلفية، وفي القطاع الصناعي، مثل استخدامها في عمليات التبريد الصناعي وإنتاج الطاقة.

حصاد مياه الأمطار

إن مخططات حصاد مياه الأمطار الضخمة، والتي تتخذ عادةً شكل سدودٍ على طول الوديان، تلعب دوراً مهماً في إدارة موارد المياه في العراق، إذ تسمح بالاحتفاظ بمياه الأمطار بعد هطولها بكثافة، والتي يمكن استخدامها بعد ذلك لتجديد موارد المياه الجوفية. وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، قد تم بناء سدود صغيرة في العديد من الوديان في جميع أنحاء البلاد لإطلاق العنان لإمكانات حصاد مياه الأمطار في مواجهة ندرة المياه المتزايدة. ومع ذلك، فقد تأثرت العديد من هذه السدود بتراكم الرواسب في خزاناتها، مما قلل من سعة التخزين. [12] وفي السنوات الأخيرة، قد أجريت العديد من الدراسات حول الملاءمة الحالية والمستقبلية لمواقع مختلفة لخطط تجميع مياه الأمطار الجديدة، في كل من الشمال والجنوب القاحلين. [13] ومع ذلك، فإن المعلومات حول التنفيذ الفعلي لمثل هذه المشاريع قليلة.

إعادة استخدام مياه الصرف

بسبب انخفاض كفاءة الري بشكل عام في العراق، يتم إرجاع معظم مياه الصرف إلى الأنهار، ويتم جمع جزء منها فقط وإعادة استخدامه. تخطط وزارة الموارد المائية لتحديث نظام تجميع مياه الصرف الصحي من أجل إعادة استخدام مياه الري بشكل أفضل، وهو أمر بالغ الأهمية لتلبية احتياجات البلاد المستقبلية من المياه. [14] ومن بين أمور أخرى، يمكن استخدام المياه المعالجة لإعادة حقن آبار النفط وإنشاء أحزمة خضراء لمكافحة التصحر وتعزيز كميات المياه المتاحة لأهوار العراق في جنوب العراق.

الشكل (1): تقديرات موارد العراق السنوية المتجددة من المياه. [16]

إجمالي توافر المياه

على الرغم من اختلاف الأرقام الدقيقة،فإن أحدث الأرقام في قاعدة بيانات نظام المعلومات لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) للعام (2018) المعروف باسم AQUASTAT، تشير إلى أن العراق يمكنه الوصول إلى ما يقرب من 100 مليار متر مكعب من موارد المياه المتجددة سنوياً، أي ما يعادل 2,338 متر مكعب للفرد سنوياً (الشكل 1).

ويشمل ذلك حوالي 96,5% من موارد المياه السطحية وحوالي 3,5% من موارد المياه الجوفية المتجددة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العراق يحصل على ما يقرب من 38% من موارده المائية المتجددة من داخل البلاد، بينما تأتي النسبة المتبقية البالغة 62% إلى العراق من إحدى جيرانه.[15]

[1] CGIAR, 2004. Challenge Program on Water and Food, Karkheh Basin profile: Strategic research for enhancing agricultural water productivity.
[2] Sadeghian, M S et al., 2003. ‘Optimising the River Karun system, Iran. Transactions on Ecology and the Environment vol. 60.
[3] Kliot, N, 1994. Water Resources and Conflict in the Middle East; Kolars, J and Mitchell, W, 1991. The Euphrates River and the Southeast Anatolia Development Project: The Middle East Imperative; Altinbilek, D, 2007. ‘Development and management of the Euphrates-Tigris basin’. International Journal of Water Resources Development 20(1): 15-33.
[4] Ibid.
[5] Krásný, J, Alsam, S and Jassim, S Z, 2008. ‘Hydrogeology’, in Jassim, S Z and Goff, J C (eds) Geology of Iraq. Prague, Dolin, pp. 251-287.
[6] United Nations Economic and Social Commission for Western Asia; German Federal Institute for Geosciences and Natural Resources, 2013. Inventory of Shared Water Resources in Western Asia.
[7] Alwash, A, Istephanian, H, Tollast, R and Al-Shibaany, Z Y (eds), 2018. Towards Sustainable Water Resources Management in Iraq. Iraq Energy Institute.
[8] Kliot, N, 1994. Water Resources and Conflict in the Middle East; Kolars, J and Mitchell, W, 1991. The Euphrates River and the Southeast Anatolia Development Project: The Middle East Imperative; Altinbilek, D, 2007. ‘Development and management of the Euphrates-Tigris basin’. International Journal of Water Resources Development 20(1): 15-33.
[9] Iraq Energy Institute, 2020. ‘Iraq and the desalination revolution: First steps, future trends’. Published 1 May 2020.
[10] Aziz, A and Aws, A, 2012. Waste Water Production, Treatment and Use in Iraq; Dunia Frontier Consultants, 2013. Water and Sewage Sectors in Iraq: Sector Report – February 2013.
[11] Dzhumagulova, N T and Abdulameer, L S, 2021. ‘The use of treated waste water for irrigation purposes in the administrative district of Kerbala, Iraq’. IOP Conference Series: Materials Science and Engineering vol. 1067.
[12] Abdullah, M, Al-Ansari, N and Laue, J, 2020. ‘Water harvesting in Iraq: Status and opportunities’. Journal of Earth Sciences and Geotechnical Engineering 10(1).
[13] See for instance: Adham, A et al., 2018. ‘A GIS-based approach for identifying potential sites for harvesting rainwater in the Western Desert of Iraq’. International Soil and Water Conservation Research 6(4): 297-304; Adham, A et al., 2022. ‘Sustainability of the Al-Abila Dam in the Western Desert of Iraq’. Water 14(4); Alwan, K K et al., 2019. ‘Validity of existing rain water harvesting dams within part of Western Desert, Iraq’. Engineering 11(12): 806-818.
[14] Ministry of Water Resources of Iraq, 2014. Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[15] FAO (Food and Agriculture Organization of the United Nations), 2022. AQUASTAT database.