المُساهمون
المؤلف: تباولو ماستروكولا، مهندس في مجال إدارة الموارد المائية؛ عمل في العراق على مدى السنوات العشر الماضية في مجال خدمات استشارية لكل من المنظمات الحكومية وغير الحكومية. وشارك في الخطة الرئيسية لإيدن الجديدة لاستعادة الاهوار التي وضعتها منظمة غير طبيعة العراق وفي الخطة الرئيسية للموارد المائية التي أنجزتها مؤخرا وزارة الموارد المائية.
الزميل المراجع: باولو بولو، إدارة الموارد المائية، هيدرو نوفا.
المقدمة
تقع أهوار العراق في حوض ما بين النهرين السفلي في السهل الفيضي الشاسع للأراضي الرطبة التي تتشكل من نظام نهريّ دجلة والفرات. قد كانت الأهوار أكبر نظام بيئي للأراضي الرطبة في أوراسيا الغربية، ممثلةً مشهداً مائياً نادراً في الصحراء وموفرةً موطناً طبيعياً للقطاعات الهامة من الحياة البرية. تشكل الأهوار منطقةً مثلثة الشكل تحدّها ثلاث من أكبر المدن في جنوب العراق: الناصرية من الغرب، والعمارة إلى الشمال الشرقي، والبصرة إلى الجنوب. يُعرف سكان الأهوار باسم عرب الأهوار.
وفي اتجاه مجرى النهر نحو العاصمة بغداد، أي على بعد حوالي 500 كيلومتر من رأس الخليج العربي، يؤدي المنحدر الطولي الضعيف للأرض إلى تعرج النهرين العظيمين وانقسامهما إلى فروع متعددة، مما يشكل سلسلةً من البحيرات العذبة الضحلة المترابطة، والأهوار، والسهول الفيضية المغمورة موسمياً التي عادةً ما تفيض وتندمج في مستجمعاتٍ أكبر خلال فترات الفيضانات الكبيرة.
ويبلغ متوسط عمق المياه في المستنقعات ما بين 0,5 متر في موسم الجفاف و2 متر في موسم الأمطار، وقد يصل عمقها إلى عدة أمتار في البحيرات الدائمة. تحيط الأهوار العراقية بثلاثة مناطق مستقلة: أهوار الحويزة؛ والأهوار الوسطى، الذي يشتمل رسمياً على هور أبو زيرج؛ وأهوار الحمّار (الخريطة 1). وتشمل المستوطنات والأنشطة الجارية داخل الأهوار والمناطق المتاخمة لها القرى والبلدات والمناطق الزراعية وحقول النفط.
البيئة الطبيعية في الأهوار
المناخ
مع هطول أقل من 200 مليمتر من الأمطار سنوياً، يعتبر المناخ في الأهوار شبه استوائي جاف. ويمتاز بالصيف الحار (يبلغ متوسط درجة الحرارة القصوى حوالي 43 درجة مئوية)، وشتاء معتدل إلى بارد (يبلغ متوسط درجات الحرارة الدنيا 4 درجات مئوية). وفي الصيف، تنتشر العواصف الترابية ويمكن أن ترفع موجات الحر درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية. وخلال فصل الشتاء، يمكن أن تنخفض درجات الحرارة إلى -8 درجة مئوية. الرطوبة منخفضة في حين أنّ التبخر من أسطح المياه مرتفع، مما يسبب فقداناً للمياه ذلك أن التبخر أكثر بعشرة أضعاف من مساهمة الهطول المطري في المنطقة.[1]
التضاريس
يتكون العراق بشكلٍ أساسي من سهلٍ منبسط منخفض السطح يرتفع رويداً إلى الهضبة الجنوبية الغربية، التي يبلغ ارتفاعها حوالي 1000 متر، وجبال زاغروس الشمالية الشرقية التي يصل ارتفاعها إلى 3000 متر. وتعتبر الارتفاعات على سهل ما بين النهرين عديم الشكل تقريباً سمة من سمات معظم البلاد وتتراوح من بضعة أمتار تحت سطح البحر إلى حوالي 400 متر أعلاه.
المصدر الرئيسي للمياه في الأهوار هو نهري دجلة والفرات، مع تدفق العديد من الروافد الرئيسية من إيران نحو دجلة والحويزة. ومن أعلى سهل ما بين النهرين العلوي وحتى الخليج، تنعطف الأنهار ببطء. يتسبب الافتقار إلى سرعة التدفق في ترسب طميّ الأنهار، مما يؤدي إلى تشكل الطبقات والضفاف فوق مستوى السهل. يجعل هذا الأنهار عرضةً للفيضان فوق الضفاف موسمياً وتغيير مسارها بشكلٍ متقلب. وعلى مر التاريخ، تفرعت الأنهار وغيّرت مجاريها في مناسبات عديدة. ويعتقد أن بعض الأجزاء الأكثر عمقاً من الأهوار (البحيرات)، كانت مجاري أنهار سابقة عُزلت مع تغيير الأنهار لمجاريها عند المنبع.
ينخفض المنحدر المنخفض عموماً للسهل بشكلٍ أكبر[2].ينقسم نهرا دجلة والفرات إلى عدة فروع ويشكلان الدلتا الداخلية. بدورها، تنقسم الفروع إلى تشعباتٍ أصغر تتفرع وتحوّل مجراها. السدود أصغر وأقل انخفاضاً في سهل ما بين النهرين العلوي، كما أنّ المياه الجوفية أقرب إلى السطح، وتتحول منخفضات السفوح بين القنوات إلى مستنقعات.
مروراً بالدلتا، تتدفق المياه إلى مناطق المستنقعات والبحيرات، حيث الأرض منبسطة. عند هذه النقطة، تتقاطع المياه الجوفية مع المياه السطحية لتنفجر المياه الجوفية مشكلةً بركاً.
يرتكز جوهر الأهوار حول التقاء نهري دجلة والفرات. وتنقسم عادةً إلى المناطق الرئيسية الثلاثة: أهوار الحمّار إلى الجنوب من نهر الفرات؛ والأهوار الوسطى (القرنة) بين نهري دجلة والفرات؛ وأهوار الحويزة إلى الشرق من نهر دجلة.
تاريخياً، شكلت الأهوار سلسلةً من مستجمعات الأهوار والبحيرات المترابطة تقريباً، والتي تتدفق إلى بعضها البعض. وخلال فترات الفيضانات المرتفعة غُمرت مساحات كبيرة من الصحراء تحت المياه. ونتيجةً لذلك، فإنّ بعض وحدات الأهوار المنفصلة سابقاً اندمجت معاً، مشكلةً مستجمعاتٍ أكبر للأراضي الرطبة. فقد كانت مستجمعات المياه الرطبة نفسها مكونةً من فسيفساء من الأهوار الدائمة والموسمية، والبحيرات الضحلة والعميقة، والسهول الطينية التي كانت تُغمر بانتظام خلال فترات ارتفاع منسوب المياه.
وأيضاً عند المصب، يلتقي نهرا دجلة والفرات لتشكيل نهر شط العرب، الذي يتدفق إلى الخليج العربي، وبالتالي يتأثر بالمد والجزر.
الموارد المائية
قبل سبعينيات القرن الماضي، كان هناك نظام معقد من القنوات الطبيعية حيث شكل دجلة والفرات الدلتا الداخلية عند منبع الأهوار، كما شكلت الأهوار نظاماً مترابطاً للغاية اندمجت فيه الأنهار واختفت. تغيّر هذا النظام في القرن الماضي مع إنشاء القنوات الزراعية، وأنظمة الصرف والهياكل الهيدروليكية، مما أثر بشكلٍ كبير على المعالجة المائية للنظام بأكمله.
تغذي المياه من نهر دجلة أهوار الحويزة والأهوار الوسطى وذلك بسبب عدم كفاية القدرة الاستيعابية لقناتها. كما تقلل قناة دجلة الرئيسية مساحتها العرضية مع اقترابها من الأهوار؛ حيث ينخفض تدفق النهر بشكلٍ كبير.
نهر الفرات مقيّد بسدود أعلى على طول الطريق من الناصرية إلى القرنة. ومع ذلك، توجد روافد ثانوية تربط بين الأهوار الوسطى والفرات عبر عددٍ من الأخاديد على طول السد الشمالي للفرات. ينقسم نهر الفرات إلى عدة أذرع باتجاه مجرى النهر إلى الناصرية، ويتدفق إلى هور الحمّار على طول عدة قنوات ثانوية؛ يتدفق الرافد الرئيسي للفرات نحو التقاء نهر دجلة بالقرنة، إلا أنه مغلق حالياً بحاجز يسهّل فيضانه عبر الأراضي الرطبة.
تتدفق المياه من أهوار الحمّار إلى شط العرب ونهريّ شط العرب وشط البصرة عبر قرمة علي، في حين تتدفق الأهوار الوسطى إلى أعلى نهر الفرات وثم، في القرنة، إلى شط العرب. وتتدفق المياه من هور الحويزة إلى دجلة وشط العرب.
وتوضح الخريطة (2) الروابط الرئيسية بين الأهوار والشبكة الهيدرولوجية.
تاريخ الأهوار
تكون الأهوار
نشأت الأهوار في عصر الهولوسين. ويدعي بعض الباحثين أنه في حوالي 5000-4000 قبل الميلاد، كانت الأهوار مغطاة ببيئة بحرية، ومن المحتمل أن مياهها كانت منخفضة الملوحة. ومع ارتفاع منسوب مياه البحر بعد العصر الجليدي، بدأت الأنهار تراكم الرواسب وتشكل دلتا ضخمة، مما تسبب في تقدم الساحل إلى موقعه الحالي، ربما بين 3000-1000 قبل الميلاد. ويقدر أن البيئة الحالية للمياه العذبة إلى المالحة قليلاً قد تشكلت قبل نحو 3000 عام.[3]
تاريخ الأهوار المبكر
وجدت بعض أقدم سجلات الحضارة على أطراف أراضي الأهوار. فقد تمت بعض الاستكشافات الأثرية القليلة داخل الأهوار نفسها. ويُعتقد أن التلال التي ترتفع فوق مياه الأهوار مواقع لمدن قديمة.
ازدهر السومريون حول الأهوار بين عامي 3000 و2000 قبل الميلاد. كما ذكرت ملحمة جلجامش، أول قصيدة ملحمية في العالم، الأهوار: “منذ أن فاض النهر وجلب الطوفان.” تُجسد القطع الأثرية في المتحف العراقي جلجامش مع جاموس الماء في نهري دجلة والفرات. تُشابه القوارب التي يستخدمها سكان الأهوار اليوم تقريباً تلك الموجودة في مقبرة أور الملكية. كما تصف الألواح الطينية من الحضارة السومرية الحياة البرية الوفيرة في الأهوار.
جاء الآشوريون بعد السومريين. أطلق الآشوريون تسمية نار موتو (أي الماء المر) على الأهوار، أو تامدو شامتو كلدي (أي بحر بلاد كلدة).[4]
العرب و الإمبراطورية العثمانية
تشير المصادر التاريخية إلى أن الأهوار كانت صغيرة قبل وصول العرب إلى العراق، لأن الحكام الأوائل للمنطقة حرصوا على استهلاك المياه المتجمّعة في الأراضي القريبة من بابل. وقاموا بحفر القنوات وأنظمة الصرف في مناطق واسعة وتحويل الأرض إلى حقول. أطلق العرب على البحيرات والأهوار اسم البطائح (الأراضي المغطاة بالسيول). كما كانت المناطق المحيطة بالأهوار مكتظة بالسكان.
ومع اندلاع الحرب وزيادة حجم الأهوار بسبب انخفاض الري وتراجع السيطرة على الفيضانات، هرب السكان إلى أرض أكثر ارتفاعاً. ومع استقرار الإمبراطورية العربية (الإسلامية)، لم يعرف الحكام كيفية زراعة الأرض وأهملت السدود. أدى ذلك إلى زيادة مساحة الأراضي المغمورة بالمياه. وخلال الخلافة الأموية، لم يُزرع سوى جزء من هذه المنطقة.
وفي القرون التالية، تقلبت منطقة الأهوار وفقاً لشدة فيضانات النهرين وقدرة حكام العراق في السيطرة على مياه النهر. وتقدر مصادر مختلفة أن مساحة الأراضي الرطبة تراوحت بين 26 ألف 90 ألف كيلومتر مربع.[5] وظلت حالة ومساحة الأهوار دون تغيير خلال الإمبراطورية العثمانية، لأن العثمانيين أهملوا الزراعة وأشغال الصرف. كما كان العثمانيون ضعفاء أيضاً في إدارتهم، إذ لم يسيطروا سوى على المدن الرئيسية في الأهوار فحسب.
الأهوار في القرن العشرين
الشكل (1): استهلاك المياه الحالي في مستجمعات مياه دجلة والفرات.
كان أهم تطور في القرن العشرين إنشاء ضوابط حديثة للمياه في أحواض دجلة والفرات. أدى ذلك إلى انخفاضٍ في الفيضانات الضخمة التي أثرت على العراق وبالتالي على الأهوار. وبالإضافة إلى ذلك، لعبت مشاريع الري دوراً فعالاً في تحديد مساريّ دجلة والفرات وراوفدهما. يعتبر تقييم الاستهلاك الحالي للمياه[6]في جميع دول المشاطئة (تركيا وسوريا وإيران والعراق)، مؤشراً جيداً على الانخفاض الحاد في تدفق المياه في جنوب العراق: من الحجم السنوي الطبيعي البالغ حوالي 90 مليار متر مكعب متوفر في مستجمعات المياه بأكملها تستهلك الزراعة حوالي 60% وتستهلك البلديات والصناعات 10% منها، ويتم خسارة 15% بسبب التبخر من البحيرات والخزانات، في حين تترك الـ15% المتبقية لغايات بيئية، بما في ذلك الأهوار (الشكل 1).
تأثير السدود
بما أنّ الأهوار تقع عند نهاية مستجمعات مياه دجلة والفرات، تعتبر مشاريع تخزين المياه والسيطرة عليها المشاريع الرئيسية التي تؤثر على الأراضي الرطبة. فقد تم افتتاح سدّة الهندية على نهر الفرات عام 1913، حيث سيطر هذا البناء على توزيع مياه المصب. كما سيطر أيضاً على المياه وتوزيعها بين الحقول الزراعية التي ليست جزءاً من الأهوار. وقد أثر ذلك بشكلٍ كبير على كمية المياه المتدفقة إلى هور الحمّار. أما فيما يتعلق بالأهوار الأخرى، فقد شيدت سدّة الكوت في عام 1938، والتي وجهت المزيد من تدفق المياه لتوفير الري للزراعة، وبالتالي خفضّت كمية المياه المتدفقة من نهر دجلة إلى الأهوار الوسطى والحويزة. ومنذ الخمسينيات، بدأ العراق في بناء عدد من مشاريع البنية التحتية للتحكم بالمياه، بما في ذلك سد سامراء (على نهر دجلة) وسد الرمادي (على نهر الفرات)، والتي حولت المياه الفائضة نحو المنخفضات الطبيعية. وقد تم الانتهاء من سد حديثة على نهر الفرات وسد الموصل على نهر دجلة في الثمانينات. وبالمثل، بدأت تركيا وسوريا مشاريع بناء السدود في الستينات والسبعينيات. وفي عام 1990، تم تشغيل مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) في تركيا، مما أثر بشكل كبير على تدفق نهر الفرات. وفي الوقت نفسه، نفذت إيران مشاريعاً خفضت كثيراً من تدفق روافد نهر دجلة.
حدث هذا بشكل رئيسي في خمسينيات القرن الماضي في العراق، وفي الثمانينيات والتسعينات في كلٍ من العراق وتركيا وإيران. وفي الآونة الأخيرة، في عام 2016، بدأ تشغيل سد إليسو المثير للجدل. ومع ذلك، فإن الآثار الناجمة عن بناء سد أتاتورك الضخم في عام 1990 على نهر الفرات، الذي أضيف إلى السدود الكبيرة الأخرى على نهر الفرات في تركيا وسوريا والعراق، قد أجبرت الحكومة العراقية على إجراء تغيير جذري في مخطط العمليات لنهر دجلة ، وأيضاً، نظراً لأن مستجمعاي المياه يُداران بطريقة مشتركة. ونتیجة لذلك، تظهر السجلات الھیدرولوجیة لمنطقة أهوار المنبع في الأنھار الرئیسیة فرقاً ملحوظاً في نظام التدفق قبل وبعد عام .1990.
وتظهر الخريطة 3 أهم الهياكل الهيدروليكية في مستجمعات المياه فيما يتعلق بالأراضي الرطبة.
إن معدل التدفق ما بعد عام 1990 عبر مصب نهر الفرات في الهندية، هو حوالي نصف ما كان عليه في الماضي؛ وفي دجلة، في اتجاه مصب سد الكوت، انخفضت التدفقات إلى ما يقرب من ثلث تصريفها قبل عام 1990. [7] بالإضافة إلى ذلك، انخفضت تدفقات الذروة، التي كانت تستخدم لتغذية الأهوار خلال الجريان الشديد، إلى حوالي 25% -30% من تدفقها قبل عام 1990. كما قللت الهياكل الهيدروليكية ليس فقط من إمدادات المياه العامة، بل تسببت أيضاً في تغييرات موسمية.
الشكل (2): تأثير السدود على متوسط تدفق نهري دجلة والفرات.
الشكل (3): تأثير السدود على ذروة تدفق نهري دجلة والفرات.
تأثير الزراعة
Aتمت ممارسة الزراعة في العراق قبل أكثر من 6 آلاف عام، وكان لها تأثير دائم على الجغرافيا الطبيعية والتربة ومنطقة الأهوار. ويعتقد أن أقدم أساليب الري في جنوب العراق كان عند مصب النهر بالبحر، حيث تم استخدام تأثير المد والجزر. وخلال ارتفاع المد، كانت توجه مياه النهر الفائضة إلى العديد من الخنادق المحفورة في السدود المنخفضة المتاخمة للنهر والجداول المتفرعة منه. وعند انحسار المد، كانت المياه تتدفق إلى الخلف مجدداً. وهكذا، تم ضمان الري والتصريف السهل. ولا يزال هذا النوع من الري يستخدم على ضفاف نهر شط العرب لزراعة التمور.
كانت الدلتا الداخلية المنطقة التالية التي يتم تكييفها للزراعة باستخدام “الري البدائي.” وساعد هذا على الاستفادة من المناطق الطبيعية المغمورة في فروع دلتا النهر والسهول الفيضية. وبمجرد ظهور الأراضي الجافة بعد الفيضان، أعدت أحواض الإنبات وحافظ البذر على وتيرة انخفاض منسوب المياه. وأحدثت فجوات في السدود النهرية عند أدنى نقاطها، مما زاد من وجود فروع النهر المتعرجة التي راكمت سدودها الصغيرة الخاصة.[8]
أدت زيادة الاحتياجات الإنتاجية إلى تطوير الري بالتحكم، الذي يتضمن بناء السدود البسيطة، وقنوات جر المياه، والنواعير، وأنظمة القنوات المحفورة الشاملة. وفي نهاية المطاف، تم تقسيم وادي النهر بأكمله تقريباً إلى العديد من الأحواض الصناعية الصغيرة التي تحدّها ضفاف القنوات.
وقد أدت خطة أعدتها وزارة الموارد المائية في الثمانينات إلى تنفيذ نوع أكثر حداثة من الري والتصريف. واعتبرت الزراعة والأهوار متناقضتين، وتم تجفيف الأهوار لإفساح المجال أمام الأراضي الزراعية وغيرها من مشاريع التنمية.
وفي السنوات اللاحقة، تبيّن أن هذا النهج معيب للغاية، واليوم، تحرز أساليب أكثر استدامة وشمولية، تعترف بالإمتيازات المتبادلة بين الأراضي الزراعية والأهوار، تقدماً أكبر. ولأسباب عديدة، بما في ذلك إعادة تغذية المياه الجوفية، وتأثيرات المناخ المحلي، وملوحة التربة وتحسين النوعية، وتوسيع المناطق الزراعية في المستقبل، فقد أثبتت الأهوار أنها جزء حيوي ومتكامل للتنمية الزراعية.[9] ونتيجةً لذلك، تم تحديث خطة وضعت في ثمانينات القرن الماضي ودمجها في استراتيجية الموارد المائية والأراضي العراقية (SWLRI)، والتي وضعتها وزارة الموارد المائية في صيغتها النهائية في عام 2015.
تأثير الاستثمارات النفطية
يعتبر جنوب العراق موطن حوالي 5% من إجمالي احتياطيات النفط في العالم. ومنذ أول اكتشاف نفطي عام 1902 في شمال العراق، تم اكتشاف ما مجموعه أكثر من 70 حقل نفطي محتمل، وتم تطوير 15 منها فقط. الحقول الجنوبية عموماً هي تراكيب مصيدة محدبة الطيات تُنتج من أعماق ضحلة نسبياً، على الرغم من احتمالية وجود مناطق إنتاج أكثر عمقاً.
وحتى الآن، استلزم تطوير مرافق إنتاج النفط تجفيف حوالي 5% -10% من إجمالي مساحة الأهوار. وقد يتطلب التطوير المستقبلي لحقول النفط داخل المنطقة تجفيفاً إضافياً للأهوار، وينبغي أن تُدمج مثل هذه التطورات في استراتيجية التنمية المستدامة للسماح بالنظر على نحوٍ ملائم في احتياجات السكان المحليين، وحماية النظم الإيكولوجية والزراعية.
برنامج التجفيف في التسعينيات
عانت الأهوار دماراً واسع النطاق خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). فقد تم تجفيف هور الحويزة جزئياً، وأدى بناء طريقٍ عبر الأهوار الوسطى بموازاة الضفة الغربية لنهر دجلة إلى شطر الأهوار فعلياً من الشمال إلى الجنوب.
أعقب ذلك في أوائل التسعينيات برنامج تجفيف ضخم من خلال بناء قنوات تحويل عديدة تهدف إلى نقل المياه مباشرةً إلى شبكة القنوات القائمة، وأخيراً إلى البحر. رسمياً، تم تنفيذ البرنامج لتحقيق الأهداف الإنمائية للأراضي. وعلى أرض الواقع، وبعد حرب الخليج الأولى، أصبحت الأهوار مركزاً للمعارضة العراقية ضد صدام حسين. وبالتالي، يُعتقد أنّ برنامج التجفيف كان مجرد وسيلة لطرد المعارضين المتوارين عن الأنظار. وبعد تجفيف الأهوار، تم حرق أعواد القصب الجافة والقرى المشيدة من القصب.
وكان من بين التدخلات الرئيسية التي غيرت المشهد الطبيعي والبيئة بشكلٍ دائم بناء نهر العز، بمجراه الكبير والمستقيم الذي يمتد عبر الأهوار الوسطى من الشمال إلى الجنوب.
الأهوار في القرن الواحد والعشرين
وبحلول عام 2002، تقلصت أهوار العراق إلى 1600 كيلومتر مربع أو 14% من حجمها في السبعينيات. وتعتبر الأوضاع في عام 2002 الحد الأدنى لمساحة الأهوار. فقد كان هور الحمّار جافاً بالكامل تقريباً. وتبيّن الخريطة (6) صوراً بالأقمار الاصطناعية التقطت قبل وبعد تنفيذ مشاريع التجفيف الرئيسية.[10]
إعادة غمر الأهوار بالمياه
بعد غزو العراق من قِبل قوات التحالف عام 2003، لم ينتظر السكان الذين بقوا حول أطراف الأهوار المجففة سقوط بغداد للبدء في عملية إعادة غمر المنطقة. فقد تم هدم أول سدين على مقربةٍ من البصرة، عند نهاية هور الحمّار.و تدفقت المياه من نهر شط العرب إلى الإمتدادات المنخفضة للحمّار.
وإلى الغرب قليلاً، على طول الجانب الجنوبي الغربي للأهوار الوسطى، طلب السكان المحليون من مدير قسم الري استخدام معداته لفتح ثغراتٍ في السدود. سمح هذا يإعادة إغراق هور أبو زيرج بالمياه. وبالمثل، أقنع السكان المحليون في الركن الشمالي الغربي من الأهوار الوسطى مشّغل محطة الضخ بوقف الضخ، مما تسبب في فيضان الأهوار. كما تم فتح ثلاث فجوات في السد الأيسر من نهر الفرات، مما سمح بتدفق المياه إلى الأهوار الوسطى، وتم فتح مختلف الخنادق والسدود حول هور الحويزة.
وفي الوقت نفسه، أقرت الحكومة المركزية بأهمية توفير الدعم المؤسسي لمنطقة الأراضي الرطبة، وتم تأسيس مركز إعادة إحياء الأهوار العراقية (CRIM) في يناير 2004. كان الهدف قصير الأمد الذي وضعه المركز يتمثل في دعم تنفيذ مقترحات إعادة إحياء الأهوار في أعقاب استثمارات العديد من المانحين في المنطقة. وشملت جهود إعادة إحياء الأهوار إعادة الإغراق؛ والمراقبة؛ والأبحاث؛ والتخطيط؛ والتدريب؛ وبناء القدرات؛ وإبرام اتفاقياتٍ دولية. وعلاوة على ذلك، بدأت عدة جماعاتٍ إنشاء مشاريع لزيادة رفاهية سكان الأهوار. كان الهدف النهائي لمركز إعادة إحياء الأهوار العراقية إعداد خطة للإحياء المستدام.[11]
برنامج مراقبة الأهوار
في الفترة ما بين عاميّ 2003-2005، كان نظام مراقبة الأهوار العراقية (IMOS) جزءاً من برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) لمشروع دعم الإدارة البيئية للأهوار العراقية. فقد كان نظام مراقبة الأهوار العراقية أداةً لدعم صنع القرار لمساعدة أصحاب المصلحة الرئيسيين في تعديل وتكييف خطط إعادة الإحياء في الوقت المناسب استناداً إلى معلوماتٍ علمية صحيحة. وتمثلت الأهداف الرئيسية لنظام المراقبة بالآتي:
- وضع وتنفيذ نظام للمراقبة للحصول بصورة منهجية على المعلومات المتعلقة بالتغيرات في النظام الإيكولوجي للأهوار وتحليلها وتبادلها؛
- تطوير نتائج المعلومات والخدمات استناداً إلى البيانات التي تم جمعها لدعم إدارة عملية إعادة الإحياء؛ و
- تقييم نجاح إعادة إحياء الأراضي الرطبة وتأثيراتهاعلى البيئة الإقليمية، بما في ذلك تلك الواقعة شمال الخليج العربي.
واستندت الأداة الرئيسية المستخدمة في تنفيذ نظام مراقبة الأهوار العراقية (IMOS) إلى تحليل الغطاء النباتي المستمد من الاستشعار عن بعد. وقد وفرت الصور الناتجة، التي تم تحديثها على أساس أسبوعي، قياس الغطاء النباتي في المياه المفتوحة وفي الأهوار، كما هو مبين في الخريطتين 2 و 3.
وفي حين انتهى برنامج مراقبة الاستشعار عن بعد، الذي نفذه برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2006، فقد واصلت مبادرة عدن الجديدة المشروع باستخدام أساليب منهجية مماثلة. واستندت المراقبة على صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت كل شهر من ديسمبر 2007 وحتى أكتوبر 2008.
دور الأهوار في الإطار الحالي لإدارة المياه
ديناميات الفيضانات في الأهوار- الظروف الطبيعية
تخضع مساحة المناطق التي تُغمر بالمياه لقابلية التغيير خلال السنة، وفقاً للنظام الهيدرولوجي. وتؤدي سنوات الجفاف إلى انحسار الأراضي المغمورة بالمياه، فيما تساهم السنوات الغنية بالأمطار في زيادة مساحة الأهوار.
يعتمد النظام الطبيعي للتدفقات الداخلة والخارجة للأهوار، اعتماداً كبيراً، على وجود قمم الفيضانات، وبشكلٍ عام، على النظام الهيدرولوجي للأنهار التي تجلب المياه إلى الأهوار. وقبل تدخل البشر بالنظام الهيدروليكي، كانت منطقة المنبع في الأهوار تغمر دورياً خلال الفيضانات. وعلى العكس من ذلك، خلال فترات الجفاف، انخفضت مساحة المناطق المغمورة، مما تسبب في حدوث تعاقب في سلوك الأراضي الرطبة، مما ساعد بشكلٍ عام في تطور التنوع البيولوجي وتحسين الظروف البيئية إلى أقصى حد: يخلق تباين امتداد الفيضانات وعمق المياه، ظروفاً مواتية للنباتات والحيوانات. وعلاوة على ذلك، لا توجد السدود والحواجز التي من صنع الإنسان في ظل الظروف الطبيعية. وبالتالي، كان هناك تقييد حقيقي أقل لامتداد الغمر، باستثناء السدود الطبيعية والتغيرات التدريجية في ارتفاع التضاريس الأرضية. فقد كان يتم تخفيف حدّة قمم التدفقات الكبيرة التي تدخل هذه الأراضي الرطبة والفيضانات بشكلٍ طبيعي مع امتداد المياه عبر السهول الفيضية. وقد ساعدت الكميات الكبيرة من المياه التي تتحرك عبر الأراضي الرطبة في الحفاظ على مستوى مرتفع من الترابط بين الأهوار والأنهار المختلفة.
ديناميات الفيضانات في الأهوار- الظروف الحالية
في الوقت الراهن، تتم إدارة الأهوار بشكلٍ مختلف تماماً: يسمح وجود السدود، والحواجز من صنع الإنسان والحواجز الترابية، بالتحكم الكامل في كيفية دخول المياه للأهوار ومكان تدفقها. فقد بُنيت السدود والحواجز لتمكين القيام بالأنشطة البشرية وحمايتها. وكان من النتائج المباشرة لبناء السدود اختفاء التدفقات القصوى من الأنهار والحدّ من إجمالي المياه المتاحة لجنوب العراق. وفي الوقت نفسه، فرض تشييد نظام حواجز شامل قيوداً مادية على كمية الأراضي التي يمكن أن تتاح لتنمية الأهوار، فضلاً عن الربط بين الأهوار والأنهار.
وفي هذه الظروف، لم تعد الأهوار مرتبطة ببعضها البعض، وفي حال وجود أي ترابط، يكون هذا فحسب لأن السكان المحليين قاموا بإحداث فجواتٍ في الحواجز القائمة، أو لأن القنوات التي صنعها الإنسان تنقل الماء من مكانٍ إلى آخر.
إن الافتقار إلى ذروات التدفق والدورات المائية، وانخفاض توافر المياه، وعدم وجود ترابط مائي، هي جميعها عوامل تسهم في وجود نظام الأهوار غير السليم وغير المستقر.
يمكن الإشارة إلى إدارة التدفق هذه في الأهوار، والتي طبقت على نطاقٍ واسع في جنوب العراق في العقود الماضية، على أنها “شبه طبيعية،” حيث يتم التحكم بالجريان إلى الأهوار بشكلٍ كامل، في حين لا يتم تنظيم التدفقات، وإن لم تكن طبيعية. ولسوء الحظ، فقد وجد أنها استراتيجية خاسرة، ذلك أن التدفقات الكبيرة لم تعد مضمونة، ولا يمكن محاكاة تغير التدفق داخل الأهوار دون نظام اصطناعي ملائم.
واعترافاً بأنّ كلاً من الإدارة “الطبيعية” و”شبه الطبيعية” لم تعودا ممكنتين أو كافيتين، تتبع حالياً وزارة الموارد المائية الإدارة “التي يتم التحكم بها،” وهي نظامٌ يتم من خلاله التحكم الكامل بالتدفقات الداخلة والخارجة على حد سواء. تحاول الإدارة التي يتم التحكم بها تحقيق التغييرات اللازمة للجريان الداخلي ومستوى المياه التي يتطلبها ازدهار النظام الإيكولوجي.
من وجهة نظرٍ مائية، تعمل الإدارة التي يتم التحكم بها عن طريق منع أو الحد من تدفق المياه من المناطق المغمورة. وهي ليست خياراً مجدياً فحسب، بل أيضاً الخيار الأكثر كفاءة في استهلاك المياه.
ومنذ عام 2008 وحتى عام 2010، أشرفت وزارة الموارد المائية على تصميم الهياكل الهيدروليكية اللازمة للفيضانات التي يتم التحكم بها في الأهوار. وقد تم تشييد بعض هذه الهياكل الهيدروليكية في السنوات الخمس الماضية، سيما منافذ الحويزة والأهوار الوسطى.
فوائد إعادة إحياء الأهوار
قد أقرّت الحكومة بأهمية الأهوار في الحفاظ على البيئة وإدارة الموارد المائية على حد سواء. تم التعبير عن ذلك، على سبيل المثال، في مبادرة عدن الجديدة بين عامي 2006-2008، وفي استراتيجية الموارد المائية والأراضي العراقية (SWLRI) عام 2015. بالإضافة إلى ذلك، اتخذت إجراءات ملموسة، مثل موافقة مجلس الوزراء العراقي في 23 يوليو 2013 باعتبار الأهوار الوسطى أول متنزه قومي في البلاد.
تقدم الأهوار مجموعة متنوعة من خدمات النظام البيئي، بما في ذلك:
- بيئة مضيافة تخدم المجتمعات، وتقلل من الهجرة من الأهوار إلى المراكز الحضرية؛
- عزل ثاني أكسيد الكربون، أي امتصاص ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغلاف الجوي بسبب الغطاء النباتي المتزايد في الأهوار؛
- التخفيف من مخاطر الفيضانات؛
- إنتاج وبيع السلع من الأهوار، بما في ذلك منتجات الألبان من جاموس الماء، والحليب من الأبقار، والأسماك، والقصب، وما إلى ذلك؛
- إعادة تغذية المياه الجوفية؛
- تنقية المياه، ذلك أن الأراضي الرطبة تساعد بطبيعة الحال على الحد من الملوثات لأن أنواع النباتات في الأراضي الرطبة تمتص بعض المكونات في مياه الأهوار؛
- منع التعرية أو العواصف الرملية أو العواصف الترابية والتصحر؛
- تحسين المناخ المحلي، بما في ذلك خفض درجات الحرارة المحلية وزيادة الرطوبة المحلية؛
- تحسين بنية التربة من خلال إعادة الإماهة وإدخال المواد العضوية؛
- زيادة قيمة الأراضي؛
- السياحة البيئية.
قد حسبت مبادرة عدن الجديدة تقييماًللأهوار استناداً إلى مختلف متغييرات وظائف النظم البيئية، بما في ذلك قيمة الاستخدام المباشر التي تعزى للاستخدام المباشر لخدمات النظام البيئي، وقيمة الاستخدام غير المباشر التي تعزى للاستخدام غير المباشر لخدمات النظام البيئي عبر العوامل الخارجية الايجابية التي توفرها النظم البيئية. وقد قدّر الحساب[14] قيمة الأهوار بما يعادل 3,4 مليار دولار في السنة، إذا ما تم إعادة إحياء الأهوار إلى حدودها التاريخية الكاملة. ويبلغ هذا التقييم نحو 3,370 دولار للهكتار الواحد في الأهوار في السنة.
ويشير تحليل ما يقرب من 170 من الأراضي الرطبة الداخلية الدولية إلى أن خدمات النظم البيئية التي توفرها هذه الأراضي الرطبة لها قيمة سنوية تتراوح ما بين 5,500 دولار للهكتار الواحد وحوالي 110,000 دولار للهكتار الواحد. ويبلغ متوسط قيمة الوحدة في الأراضي الرطبة الداخلية التي شملتها الدراسة في هذا التحليل 28 ألف دولار للهكتار في السنة.[15] وبالتالي، فإن التقدير في مبادرة عدن الجديدة معتدل مقارنةً بالتقييم الدولي لنظم بيئية مماثلة. وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من هذا التقييم المعتدل، فإن إعادة إحياء الأهوار تنتج عائداً اقتصادياً مشابهاً للزراعة في محافظات جنوب العراق (إن لم يكن أعلى منها).
نظرة مستقبلية
كما ذكر سابقا، أقرّت الحكومة بالدور الاستراتيجي للأهوار في إدارة الموارد الطبيعية الحالية والمستقبلية في العراق.
إن من شأن تحديد حدود الأهوار وإضفاء الطابع الرسمي على رؤية وطنية بشأن المنطقة، أن ييسر حماية طويلة الأجل. فقد كانت تسمية الأهوار الوسطى باعتبارها أول متنزه قومي في البلاد في عام 2013 الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. وبالمثل، حدد مركز إعادة إحياء الأهوار العراقية (CRIM)، هدفاً إضافياً لمناطق الأراضي الرطبة،[16] في محاولة لتحقيق التوازن بين الاحتياجات البيئية وبرامج الزراعة واستخراج النفط. وفي يوليو 2014، التزمت وزارة الموارد المائية بوضع خطط وأنشطة مشتركة للحفاظ على الأراضي الرطبة واستخدامها الحكيم مع اتفاقية رامسار وهي معاهدة دولية دخلت حيز النفاذ في عام 1980، وتعاونت في إدارة هور الحويزة،[17] والتي تم تسجيلها في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية للاتفاقية في عام 2007. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة هور الحويزة يجب أن تتعامل مع المنظِّمات المائية، التي بنتها الحكومة الإيرانية في الفترة 2010-2011 على الحدود، مما يؤثر بشكل أكبر على تدفق المياه إلى الأهوار.
وفي عام 2013، أطلق مركز إعادة إحياء الأهوار العراقية (CRIM) مشروعاً وطنياً لتطوير الأطلس الوطني للأهوار والأراضي الرطبة في العراق، وهو شرط من شروط اتفاقية رامسار. وحدد المشروع قائمة طويلة من المواقع المحتملة، مع التركيز أولاً على الأهوار الوسطى وأهوار الحمّار.[18] وفي عام 2016، قامت اليونسكو بتسمية الأهوار كموقع للتراث العالمي.[19] إن المنطقة المعروفة بإسم أهوار جنوب العراق ملجأ للتنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية للمدن في بلاد ما بين النهرين، لذا فإن إدراج الموقع يمثل اعترافاً دولياً بقيمتها العالمية المتميزة. ويتكون الموقع من سبعة مكونات: أربعة أهوار من الأراضي الرطبة، وهي الحويزة والحمّار الشرقية والغربية، والأهوار الوسطى، والمواقع الأثرية الثلاثة في أور والوركاء وإريدو (تل أبو شهرين).
الاستنتاجات
إن التنمية المستدامة في العراق تتم بالتعاون ما بين إعادة إحياء وحماية الصحة البيئية في الأهوار العراقية. ويعتبر توفير كمية ملائمة وموثوق بها من المياه الخطوة الأولى. وبالتوازي مع هذا الجهد يعتبر تحديد أهداف نوعية المياه للتدفق الذي يدخل الأهوار أمرٌ بالغ الأهمية بالنسبة للسكان الذين يعيشون في المنطقة وكذلك الحياة البرية والأنواع المائية والثروة الحيوانية والزراعة. ومع تحديد أهداف كمية المياه ونوعيتها، تتطلب إدارة الموارد المائية الناجحة بُنية تحتية فعالة (أي البوابات، والسدود، الحواجز، وما إلى ذلك) للسيطرة على تدفق المياه من الأهوار إلى الخارج وتدفقها بين الأهوار.
[1] Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO). Iraq Country Profile. Available at: www.fao.org/ag/agp/AGPC/doc/Counprof/Iraq/Iraq.html, accessed 6 February 2017.
[2] Sanlaville, P. (2002). ‘The Deltaic Complex of the Lower Mesopotamian Plain and its Evolution through Millennia’. In The Iraqi Marshlands: A Human and Environmental Study. Nicholson, E. and Clark, P. (eds).
[3] Aqrawi, A.A.M. (1993). Implication of sea-level fluctuation, sedimentation and neotectonics for the evolution of the marshlands (Ahwar) of southern Mesopotamia. Quaternary Proceeding No. 3: 17-26.
[4] New Eden Group (2006). New Eden Master Plan for Integrated Water Resources Management in the Marshlands Area. Final report prepared for Iraq’s Ministries of Water Resources, Municipalities and Public Works, and Environment.
[5] Ibid.
[6] Elaborated from New Eden Group (2006), cited above, and Ministry of Water Resources (2014), Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[7] New Eden Group (2006). New Eden Master Plan for Integrated Water Resources Management in the Marshlands Area. Final report prepared for Iraq’s Ministries of Water Resources, Municipalities and Public Works, and Environment.
[8] Schilstra J. (1962). ‘Irrigation as a soil and relief-forming factor in the lower Mesopotamian plain’. Netherland Journal of Agriculture Science, 10 (3).
[9] New Eden Group (2006). New Eden Master Plan for Integrated Water Resources Management in the Marshlands Area. Final report prepared for Iraq’s Ministries of Water Resources, Municipalities and Public Works, and Environment.
[10] United States Geological Service pictures, from New Eden Group (2006). New Eden Master Plan for Integrated Water Resources Management in the Marshlands Area. Final report prepared for Iraq’s Ministries of Water Resources, Municipalities and Public Works, and Environment.
[11] Powers, K. (2004). The Iraq Marshes: Restoration Activities. CRS Report for Congress. Available at http://congressionalresearch.com/RL32433/document.php?study=The+Iraq+Marshes+Restoration+Activities, accessed 10 February 2017.
[12] New Eden Group (2006). New Eden Master Plan for Integrated Water Resources Management in the Marshlands Area. Final report prepared for Iraq’s Ministries of Water Resources, Municipalities and Public Works, and Environment.
[13] Ibid.
[14] New Eden Group (2006). New Eden Master Plan for Integrated Water Resources Management in the Marshlands Area. Final report prepared for Iraq’s Ministries of Water Resources, Municipalities and Public Works, and Environment.
[15] De Groot, R. et. al. (2012). ‘Global estimates of the value of ecosystems and their services in monetary units’. Ecosystem Services, 1: 50-61.
[16] Ministry of Water Resources (2015). Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[17] Ramsar Convention (2014). ‘Iraq: Ministries of Environment and Water Resources collaborate for the conservation of marshlands of international importance’. Available at: www.ramsar.org/news/iraq-ministries-of-environment-and-water-resources-collaborate-for-the-conservation-of, accessed 6 February 2017.
[18] CRIM (2013). The National Atlas of Marshes and Wetlands in Iraq.
[19] UNESCO (no date). The Ahwar of Southern Iraq: Refuge of Biodiversity and the Relict Landscape of the Mesopotamian Cities. Available at: http://whc.unesco.org/en/list/1481/, accessed 6 February 2017.