المساهمون
المؤلف: جوليان شيلينجر طالبة دكتوراه في جامعة توينتي بهولندا، متخصصة في إدارة المياه المحلية والتكيف مع المناخ في حالات النزاع المسلح.
المراجعة: فرجينيا إل تايس مستشارة أولى في إدارة موارد المياه والضمانات البيئية والاجتماعية. تعمل في العراق منذ عام 2009.
تواجه إدارة استدامة الموارد المائية في العراق تحدياتٍ لا حصر لها، إذ تحصل بعض الصعوبات التي تواجه قطاع المياه في العراق، مثل الفيضانات الموسمية والجفاف، بشكلٍ طبيعي. ومع ذلك، فإن أكثر المشاكل المعطلة والهدّامة هي من صنع الإنسان؛ فالبُنية التحتية للمياه متهالكة بسبب عقودٍ من الحروب والإهمال، فضلاً عن الممارسات الزراعية غير الفعّالة والبالية، إلى جانب النمو السكاني والتحضر السريعين، والمنافسة الكبيرة لطرق إدارة المياه في إطار أنظمة الأنهار العابرة للحدود، بالإضافة إلى أزمة تغير المناخ التي تلوح في الأفق. تمتلك الحكومة العراقية خططاً لمعالجة الوضع، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم تطبيق إصلاحاتٍ رئيسية.
الجغرافيا والمناخ
يتنوع المناخ في العراق بتنوع جغرافية البلاد ليشكل ثلاث مناطق رئيسية: المناطق الجبلية في الشمال والشمال الشرقي والتي تمتاز بمناخ البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة السهوب الانتقالية ذات المناخ شبه الجاف، والمنطقة الصحراوية القاحلة في الجنوب والغرب، والتي تغطي حوالي 70% من البلاد. أما هطول الأمطار في العراق فهو موسمي، إذ يحصل غالباً في الفترة ما بين شهريّ ديسمبر وأبريل، ويتراوح ما بين 400-1,000 ملم/ السنة في المناطق الجبلية الشمالية- الشرقية إلى 200-400 ملم/ السنة في السهوب شبه القاحلة وتصل إلى 50-200 ملم/ السنة في المناطق القاحلة (الخريطة 1). [1] إن الشتاء قصيرٌ وبارد، حيث تصل درجات الحرارة العظمى نهاراً إلى 17 درجة مئوية، وتنخفض ليلاً إلى 4 درجات مئوية، في حين أنّ فصل الصيف جافٌ وحار، إذ تتجاوز درجات الحرارة القصوى الـ 43 درجة مئوية نهاراً في المناطق القاحلة خلال شهري يوليو وأغسطس، وتنخفض في الليل إلى 25 درجة مئوية.[2]
يظهر تغير المناخ جلياً على العراق، لا سيما فيما يتعلق بأنماط هطول الأمطار. فمنذ خمسينيات القرن الماضي، قد تم قياس زيادة في هطول الأمطار بمقدار 2,4 ملم/ الشهر خلال القرن الواحد في الشمال الشرقي، بينما انخفض هطول الأمطار في الغرب الجاف بمقدار 5,93 ملم/ الشهر خلال القرن. ومن المتوقع أن تستمر هذه الأنماط المتغيرة التي ترافقها أيضاً زيادة في متوسط درجة الحرارة السنوية بمقدار 2 درجة مئوية وارتفاع معدل حدوث موجات الحر وأنماط هطول الأمطار الغزيرة في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2050. [3] وفي ظل سيناريو ارتفاع مستويات الانبعاثات، قد يرتفع متوسط درجة الحرارة السنوية بأكثر من 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.[4]
السكان
في عام 2019، قد تجاوز عدد سكان العراق الـ 39 مليون نسمة بقليل، إذ تعتبر البلاد دولة يافعة نسبياً حيث يبلغ متوسط العمر حوالي 20 عاماً. وعلاوة على ذلك، فإن العراق يعتبر من الدول سريعة النمو؛ فقد ازداد عدد السكان عدة مرات منذ عام 1950، ومن المتوقع، بمعدل النمو الحالي البالغ حوالي 2,5%، أن يزداد عدد السكان ليصل إلى 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، كما قد يتجاوز الـ 100 مليون نسمة بحلول نهاية القرن (الجدول 1). [5]
الجدول (1): النمو السكاني في العراق.
1950 | 1970 | 1990 | 2000 | 2010 | 2020 | 2030 | 2050 | 2075 | 2100 | |
مجموع السكان (مليون نسمة) | 5.72 | 9.92 | 17.42 | 23.50 | 29.74 | 40.22 | 50.19 | 70.94 | 93.5 | 107.71 |
معدل النمو السكاني (%) | 2.6 | 3.4 | 2.3 | 3.1 | 2.0 | 2.5 | 2.1 | 1.5 | 0.9 | 0.4 |
وعلى وجه الخصوص، فمن المتوقع أن تنمو المناطق الحضرية بشكلٍ ملحوظ، في الفترة ما بين عاميّ 2015 و2035، مما سيزيد من الطلب على المياه البلدية اللازمة للاستخدامات المنزلية وغير المنزلية.
يعيش معظم سكان البلاد (حوالي 70%) في المناطق الحضرية، حيث هجر الناس القرى الريفية بحثاً عن فرص العمل والخدمات الرئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. ويُقدر المعدل السنوي للتحضر من عام 2020 إلى عام 2025 بما نسبته حوالي 3%، مما يعتبر هجرة كبيرة للناس. [6] كما عانت أنظمة الصرف الصحي في المدن ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، فضلاً عن الخدمات الحكومية الأخرى مثل توليد الطاقة، لكي تواكب تدفق السكان إلى المناطق الحضرية الرئيسية.[7]
وفي إقليم كردستان شمال العراق، قد أضاف تدفق اللاجئين السوريين الفارين من الحرب في بلادهم المزيد من الضغوطات على الخدمات الحكومية. فمنذ عام 2015، ظل عدد اللاجئين السوريين المسجلين من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ثابتاً عند حوالي 250,000 نسمة. حيث إن جميعهم تقريباً موجودون في محافظات أربيل (حوالي 50%) ودهوك (حوالي 33%) والسليمانية (حوالي 13%). يعيش ما بين 90 إلى 100 ألفٍ من هؤلاء اللاجئين المسجلين في المخيمات، بينما يعيش 150,000 الباقون في المناطق الحضرية بالمنطقة، ومع ذلك، من الصعب تقدير عدد اللاجئين غير المسجلين. [8] ووفقاً للبنك الدولي، قدرت تكلفة الاستقرار – الإنفاق الإضافي اللازم لاستعادة الحياة الكريمة لسكان إقليم كردستان العراق – لعام 2015 بمبلغ 1,4 مليار دولار، أي بما يتجاوز ميزانية حكومة إقليم كردستان.[9]
الاقتصاد
يُهيمن قطاع النفط على الاقتصاد العراقي، حيث يوفر أكثر من 90% من إيرادات الحكومة ويمثل ما يقرب من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، ولكنه يوفر فرص عمل قليلة نسبياً. [10] إن المشغل الرئيسي في البلاد هي الحكومة العراقية، والتي توظف أكثر من 40% من السكان. [11] وعلاوةً على ذلك، فقد ارتفعت نسب البطالة بشكلٍ كبير طوال العقد الماضي، من معدل ثابت نسبياً يبلغ حوالي 9% إلى 14,1% في عام 2020، مع توقع قفزة أخرى في البطالة بسبب جائحة فيروس كورونا، كما أن معدلات البطالة أعلى بشكلٍ ملحوظ بين النساء والشباب.[12]
الشكل (1): مساهمة الناتج المحلي الإجمالي حسب القطاع في عام 2019.[16]
وقد قُّدِّر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العراق عام 2019 بـ5,154 دولار، [13] مما يضع العراق في فئة البلدان ذات الدخل المتوسط المرتفع وفقاً لتصنيف البنك الدولي. ومع بداية جائحة فيروس كورونا، تعرض الاقتصاد العراقي لانتكاسةٍ كبيرة، وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 17,5% إلى 4247 دولاراً في عام 2020.
وفي عام 2019، شكلت الصناعة، بما في ذلك قطاعيّ الإعمار والنفط، ما نسبته 53% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين شكل قطاع الخدمات، بما في ذلك الحكومة، ما نسبته 44,5%، في حين تمثل الزراعة النسبة المتبقية المتمثلة في 3,5% (الشكل 1).[14]
شكلت التقلبات الكبيرة في أسعار النفط العالمية على مدى السنوات الماضية مشكلةً بالنسبة للقوة الاقتصادية للعراق والميزانية الوطنية. [15] وبالإضافة إلى ارتفاع النفقات الإنسانية والأمنية، فقد تسبب الأثر الاقتصادي السلبي لجائحة فيروس كورونا، التي حصلت مؤخراً، في حدوث عجز مالي متكرر وصل إلى 14,5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 و12,8% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020.[16]
[1] Iraqi Ministry of Health and Environment, 2016. Iraq’s Initial National Communication to the UNFCCC.
[2] The World Bank, n.d. Climate Change Knowledge Portal: Climatology Iraq.
[3] United States Agency for International Development, 2017. Climate Change Risk Profile: Iraq.
[4] World Health Organization; United Nations Framework Convention on Climate Change, 2021. Health and Climate Change Country Profile 2021: Iraq.
[5] United Nations, Department of Economic and Social Affairs, Population Division, 2019. World Population Prospects 2019, Volume II: Demographic Profiles – Iraq.
[6] Central Intelligence Agency, 2022. The World Factbook: Iraq.
[7] Several protests have been held to complain about the lack of basic services. See e.g. Kami, A, 2011. ‘Iraqis demonstrate over lack of basic services’. Published by Reuters on 6 February 2011.
[8] United Nations High Commissioner for Refugees, 2022. Situation Syria Regional Refugee Response – Iraq.
[9] The World Bank, 2015. ‘The Kurdistan Region of Iraq needs an estimated US$1.4 billion this year to stabilize the economy’. Published 12 February 2015.
[10] The World Bank, 2021. Iraq Overview.
[11] United Nations Development Programme, 2015. About Iraq.
[12] The World Bank, 2022. World Development Indicators.
[13] All dollar amounts in constant 2015 US dollars.
[14] The World Bank, 2022. World Development Indicators.
[15] The World Bank, 2020. Breaking Out of Fragility: A Country Economic Memorandum for Diversification and Growth in Iraq.
[16] Countryeconomy.com, n.d. Iraq government budget deficit.