Water of the Middle East and North Africa

استهلاك المياه في العراق

مدينة دهوك - استهلاك المياه في العراق
مزارعون أكراد يحصدون البطيخ في حقل في منطقة بردرش، بالقرب من مدينة دهوك الكردية، في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في العراق، في 15 يونيو 2021. المصدر: Safin HAMED / AFP

الاستهلاك الحالي للمياه

تُستهلك الغالبية العظمى من المياه في العراق في الزراعة. ففي عام 2017، ومن أصل 43,07 مليار متر مكعب من المياه المسحوبة للاستخدام البشري، فقد تم استهلاك 87,8% من قبل القطاع الزراعي، و2,5% للاستخدامات الصناعية، و2,7% لإمدادات المياه البلدية (الشكل 1). [1] وفي أعقاب الزيادة الكبيرة في استهلاك القطاع الصناعي للمياه في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فقد أدى تدهور الصناعة العراقية في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003 والحرب الأهلية والصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) إلى عكس الاتجاه وانخفاض استهلاك القطاع الصناعي للمياه حالياً.[2]

الشكل (1): سحوبات المياه في العراق حسب القطاع.[3]

تُستخدم المياه الجوفية، في المقام الأول، في القطاع الزراعي، مع بعض الاستخدامات للأغراض الصناعية والبلدية حيث تسمح جودة المياه الجوفية بذلك. ويعتمد ما مجموعه 20 مشروعاً رسمياً للري على المياه الجوفية لدعم الري وكذلك مشاريع الري الأخرى في الصحراء الغربية للبلاد. ويوجد أكثر من 88 ألف بئر في جميع أنحاء البلاد، والتي تزود الأسر والمدن والصناعات بالمياه، إلا أن توفر معلومات مفصلة حول معدلات الاستهلاك غير متاح دائماً. كما أنّ هناك أيضاً عدد غير محدد من الآبار غير القانونية.[4]

وبالإضافة إلى الاستخدامات البشرية التقليدية، مثل الزراعة والصناعة وإمدادات المياه البلدية، فإنه يجب تخصيص المياه للاستخدامات البيئية أيضاً، لا سيما لترميم وصيانة الأهوار، حيث تُقدَّر هذه الاستهلاكات البيئية بكمياتٍ تتراوح ما بين 10-20 مليار متر مكعب/ السنة. وأيضا فإنه يتم فقدان 8-12 مليار متر مكعب/ السنة إضافية من المياه السطحية بسبب التبخر من الخزانات. [5]

الاستهلاك المتوقع للمياه والعجز في العرض

إنه من المتوقع أن يتجاوز الطلب العرض في المستقبل القريب إذا لم يشرع العراق في إجراء إصلاحات رئيسية في قطاع المياه. [6] ومع ذلك، فتعدّ التقديرات الدقيقة للعجز المتوقع في المياه أمراً صعباَ بسبب نقص البيانات، ولكن يتوقع أحد التقارير وجود عجز يبلغ 10 -20 مليار متر مكعب في السنة بحلول عام 2030، وهو ما يتوافق مع ما يقرب من ثلث الطلب على المياه في العراق.[7]

وإن تدهور البُنية التحتية والتسرّب، وأنظمة الري وأنظمة جمع مياه الصرف التي عفا عليها الزمن، والحوافز السيئة فيما يتعلق بالدعم الزراعي، واستخدام المياه العذبة في إعادة حقن آبار النفط (بدلاً من استخدام بدائل أكثر استدامة مثل مياه الصرف الصحي المعالجة) تعتبر جوانب ينبغي معالجتها جميعاً إذا ما أراد العراق تلبية الاحتياجات المائية المتوقعة على مدى السنوات العشرين المقبلة.

استهلاك القطاع الزراعي للمياه وتطوير الري

غالباً ما تتم الزراعة في مزارع صغيرة ذات نظام مدخلات وإنتاج منخفض نسبياً، وهذا يعني الاستخدام المحدود للتكنولوجيا مما ينعكس على انخفاض إنتاج المحاصيل والمكاسب الاقتصادية. كما أن سوء النوعية المتوفرة من الكيماويات الزراعية إلى جانب سوء الاستخدام ونُدرة الأسمدة العضوية، يحدّ أيضاً من إنتاجية المحصول. وعلاوة على ذلك، يسهم قِدم الآلات الزراعية وعدم كفاية المهارات التقنية لمعظم المزارعين في ضعف الإنتاجية.

يستهلك القطاع الزراعي معظم موارد المياه الإجمالية في العراق، حيث يتم ري ثلثي الأراضي المزروعة، لا سيما في المناطق شبه القاحلة والقاحلة من البلاد. كما يرجع الاستخدام المرتفع للمياه إلى انخفاض كفاءة الري بما يقدر بنحو 30-40%، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى الفاقد المائي من قنوات الري واستخدام الري بالغمر غير الفعال.[8]

كما أن الاعتماد الكبير على مياه الري يعني أنه في حال حصول الجفاف، يكون القطاع الزراعي الأكثر تضرراً. فعلى سبيل المثال، ما بين عاميّ 2008 و2009، قد أتلف الجفاف ما يصل إلى 40% من الأراضي الزراعية في العراق، كما أنّ الضرر الذي شهدته محافظتي نينوى وأربيل تجاوز ما نسبته 50% من الأراضي الزراعية. ومما زاد من تفاقم خطر الجفاف، توسع الأراضي المزروعة بالقمح وحده، والتي تتطلب الري بنسبة 33% بين عامي 2000 و2010. [9]

الحدّ من استهلاك المياه

في عام 2014، تبنت وزارة الموارد المائية استراتيجية صارمة لإدارة الموارد المائية من أجل تلبية احتياجات المياه في البلاد بشكل مستدام. وفي حال تنفيذها بالكامل، ستؤدي هذه الاستراتيجية إلى انخفاض استهلاك المياه العذبة بنسبة 24,5% بحلول عام 2035، حتى مع نمو عدد سكان العراق.[10]

ويتمثل جزءٌ كبير من هذا الانخفاض في استهلاك المياه العذبة من قبل القطاع الزراعي، إذ تحدد الاستراتيجية أساليب جديدة للزراعة ومزيجاً من المحاصيل وفقاً للمناطق الزراعية المناخية، وزيادة كفاءة استهلاك المياه في المزارع إلى 70%، ورفع كفاءة نقل المياه إلى ما نسبته 90% وزيادة الكفاءة التشغيلية إلى 95% لتحقيق كفاءة ري شاملة بنسبة 60%. وفي حال تم تحقيق هذه المكاسب، سينخفض استهلاك المياه السطحية في القطاع بأكثر من 30% من 2015 إلى 2035.[11]

ومع ذلك، فقد أعيق تنفيذ الإصلاحات المذكورة بسبب ظهور تنظيم داعش في العراق في عام 2014، فضلاً عن التحديات الاقتصادية المرتبطة بانخفاض أسعار النفط العالمية في عام 2015. ونتيجة لذلك، فقد تم تحقيق القليل من الإصلاحات خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتخطط وزارة الموارد المائية لتحديث الاستراتيجية في عام 2023، وتعديل الوثيقة السابقة لتأخذ في الاعتبار قضايا مثل تغير المناخ والأضرار التي لحقت بالبُنية التحتية للمياه من قبل داعش.[12]

[1] FAO (Food and Agriculture Organization of the United Nations), 2022. AQUASTAT database.
[2] Dunia Frontier Consultants, 2013. Water and Sewage Sectors in Iraq: Sector Report – February 2013.
[3] Sarant, L, 2013. ‘Massive loss of fresh water in Middle East revealed’. Nature Middle East.
[4] Sarant, L, 2013. ‘Massive loss of fresh water in Middle East revealed’. Nature Middle East.
[5] Japan International Cooperation Agency, 2016. Data Collection Survey on Water Resource Management and Agriculture Irrigation in the Republic of Iraq; Dunia Frontier Consultants, 2013. Water and Sewage Sectors in Iraq: Sector Report – February 2013.
[6] Walker, K, 2014. ‘In Iraq, fresh water may soon be a thing of the past’. Published by The National on 16 March 2014.
[7] Alwash, A, Istephanian, H, Tollast, R and Al-Shibaany, Z Y (eds), 2018. Towards Sustainable Water Resources Management in Iraq. Iraq Energy Institute.
[8] Japan International Cooperation Agency, 2016. Data Collection Survey on Water Resource Management and Agriculture Irrigation in the Republic of Iraq.
[9] Ministry of Water Resources of Iraq, 2014. Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[10] Ibid.
[11] Ibid.
[12] The World Bank estimates it will take over $200 million for the reconstruction and recovery of the damaged water infrastructure from ISIS.