مياه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

البُنية التحتية للمياه في العراق

سد دوكان في العراق - البُنية التحتية للمياه في العراق
سد دوكان في محافظة السليمانية. المصدر: Juliane Schillinger

السدود

تعتبر شبكة الخزانات الشاملة في العراق جزءاً أساسياً من قدرة البلاد على إدارة موارده المائية المتاحة. يتم تشغيل السدود من خلال ثلاثة أنظمة مستقلة: النظام رقم (1) والذي يغطي معظم البلاد ويشمل نهر الفرات، ودجلة، والزاب الكبير، والزاب الصغير؛ والنظام رقم (2)، والذي يشمل مستجمعات نهر العُظيم؛ والنظام رقم (3)، والذي يشمل مستجمعات ديالي (الخريطة 1). يتم تشغيل كل نظام من هذه الأنظمة لإدارة توزيع المياه لمستخدمي القطاعات البلدية والصناعية والزراعية والبيئية، ولتوفير الحماية من مخاطر الفيضانات عند المصب.

وإلى جانب تخزين المياه والحماية من الفيضانات، فإنه يتم استخدام بعض السدود أيضاً لإنتاج الطاقة الكهرومائية. وتبلغ القدرة المركبة لأكبر ثلاثة سدود للطاقة الكهرومائية في العراق حوالي 2,100 ميغاواط، بما في ذلك سد الموصل بقدرة 1,050 ميغاواط وسد حديثة بقدرة 660 ميغاواط وسد دوكان بقدرة 400 ميغاواط. ومع ذلك، فإن توليد الطاقة الكهرومائية الفعلي عادة ما يكون أقل بكثير، بسبب انخفاض مستويات المياه في الخزانات والقيود التشغيلية.[1]

ويشكل سد الموصل، أكبر سد في العراق بسعة 11 كيلومتر مكعب، تهديداً كبيراً في حال انهياره وفيضانه دون حقنه بالإسمنت بشكلٍ مستمر، إذ تم بناء السد فوق طبقات من الجبس القابلة للذوبان. وفي حال أدت عوامل التعرية إلى تقويض السد، فقد يؤدي انهياره إلى إغراق أجزاء من الموصل في غضون ساعات قليلة وبغداد في غضون أيام، مما يهدد حياة ملايين العراقيين.[2]

وفي مارس 2016، قد تم التعاقد مع شركة تريفي الإيطالية وفيلق الهندسة في الجيش الأمريكي، لتنفيذ مشروع صيانة وإعادة تأهيل السد. وتضمن المشروع، الذي بلغت تكلفته 530 مليون دولار، حفر أكثر من 5,200 حفرة وحقن ما يقرب من 40,000 متر مكعب من خليط الأسمنت في باطن الأرض لدعم السد. وقد أدى هذا العمل إلى استقرار السد بدرجة كافية للسماح بتدفق منسوب المياه بمقدار 321 متراً، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عشر سنوات. [3] وقد اكتمل المشروع في يونيو 2019.[4]

وعلى الرغم من أن المشروع حظي بأولوية كبيرة لمعالجة مخاوف السلامة المُلّحة، إلا أن السد يتطلب هذا النوع من الصيانة بشكلٍ دوري. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من غير الواضح مقدار الحماية من الفيضانات التي يمكن أن يوفرها السد حتى بعد هذا المشروع. وعلى الرغم من أن ارتفاع المنسوب إلى 321 متراً يُعدّ بمثابة تحسن جيد، إلا أن الدراسات السابقة وجدت أن السد سيحتاج إلى العمل بكامل طاقته البالغة 330 متراً لتوفير حماية فعالة من الفيضانات.[5]

إدارة مستجمعات المياه في العراق - البنية التحتية للمياه في العراق
الخريطة (1): أنظمة إدارة مستجمعات المياه في العراق. المصدر: Fanack Water

السيطرة على الفيضانات

على الرغم من بناء السدود في كلٍ من تركيا وسوريا، ما يزال من الممكن حصول حوادث الفيضانات في العراق، وخصوصاً على طول روافد نهر دجلة مثل الزاب الكبير الذي يعتبر آخر نهر كبير لم يُنشأ عليه سد في العراق. [6] كما تفتقر بعض الروافد الشرقية الأخرى الأصغر حجماً أيضاً لبُنية تحتية لضبط الفيضانات، وتُعرف بحدوث الفيضانات المفاجئة.

وفي الوقت الحاضر، تتم إدارة ذروة الفيضان باستخدام السعة التخزينية للسدود والحواجز الاصطناعية على المجرى وكذلك بعض المناطق الطبوغرافية المنخفضة خارج مجرى النهر. ويُضبط نهر دجلة بواسطة سد الموصل وسد دوكان على الزاب الصغير (من روافد نهر دجلة) وسد سامراء. وفي حال حصول أحداثٍ متطرفة، حيث لا تمتلك سدود دوكان والموصل القدرة على الحد من ذروات الفيضان للقيم المقبولة، ومنعها من الوصول إلى بغداد، فإن سد سامراء عند المصب يعتبر النقطة التالية التي يمكنها ضبط التدفقات القادمة من خزانات المنبع (بالإضافة إلى التدفقات القادمة من الزاب الكبير)، ويمكنه تحويل المياه إلى بحيرة الثرثار. [7] كما ينظم سد حديثة وسد الرمادي التدفقات على نهر الفرات، إذ يمكن لسد الرمادي تحويل التدفقات من الفرات إلى بحيرة الحبانية، وبدورها تنقل قناة المجرة التدفقات من بحيرة الحبانية إلى بحيرة الرزازة في حال حدوث فيضانات كبيرة.[8]

ويضبط على نحوٍ مماثل سد دربندخان، على نهر ديالي، ويخفف من مخاطر الفيضانات لحماية مدينة بغداد. وهنا تجدر الإشارة إلى أن نهر ديالي يصب في نهر دجلة بالقرب من بغداد؛ بسبب تأثير المياه المرتدة، وبالتالي قد تشكل الفيضانات المتزامنة على نهري دجلة وديالي خطراً بوصولها إلى بغداد. وعند منبع نهر ديالي، يضبط سد دربندخان التدفق على النهر. ويمكن التحكم بأنظمة سير العمل الاعتيادية للسد لتخزين المزيد من المياه خلف السد ومنع الفيضانات من الوصول إلى بغداد. [9]

أنظمة الري

يتم ريّ ثلثي الـ 6 ملايين هكتار من الأراضي المزروعة في العراق (الخريطة 2)، ومن بينها، يتم ري 63% عبر القنوات التي تعتمد على الجاذبية في حين تحصل 36% من الأراضي على مياه الري عبر مضخات من الأنهار أو القنوات الرئيسية، و1% يتم ريها بالمياه الجوفية من الينابيع أو التي يتم ضخها من طبقات المياه الجوفية. [10]

وتوجد مشاريع الري المتوسطة والكبيرة على طول أنهار العراق، بما في ذلك العديد من قنوات الري وأنظمة الضخ. وتشمل مشاريع الري الرئيسية في البلاد مشروع ري الجزيرة في محافظة نينوى، والذي يسحب المياه مباشرة من خزان دجلة وسد الموصل وسيروي أكثر من مليون دونم من الأراضي (1 دونم = 0,1 هكتار) عند تطويره بالكامل؛ ومشروع ري كركوك – العُظيم – الحويجة المشترك مع أكثر من مليون دونم من الأراضي المروية، وسحب المياه من مختلف روافد نهر دجلة، بما في ذلك الزاب الصغير؛ ومشروع دجلة الوسطى الذي يغطي أكثر من 1,5 مليون دونم على جانبي نهر دجلة بين بغداد والكوت؛ ومشروع أبو غريب الكبير، الذي يعدّ أكبر مشروع ري على طول نهر الفرات لري أكثر من 500 ألف دونم بين الفلوجة وبغداد.[11]

وفي جميع أنحاء البلاد، فإن البنية التحتية للري قديمة إلى حدٍ كبير وتالفة، بما في ذلك محطتي الضخ، اللتين تم بناؤهما في السبعينيات، والقنوات الأخرى والتي لم تتم صيانتهما بشكل كافٍ منذ ذلك الحين. [12] فقد وجدت دراسة أجريت عام 2015 على 50,000 كيلومتر من قنوات الري أن حوالي 20% فقط من القنوات مبطنة بالخرسانة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في المياه.[13]

المناطق المروية في العراق - البُنية التحتية للمياه في العراق
الخريطة (2): المناطق المروية في العراق. المصدر: Fanack Water

البُنية التحتية لمعالجة المياه

حالياً، لا تصل خدمات معالجة المياه لجميع العراقيين، إذ يتمتع ما يقرب من 86% من سكان الحضر وحوالي 62% من سكان الريف بإمكانية الوصول إلى مصدر مياه محسن عبر شبكة توزيع المياه في البلاد. [14] تتكون البنية التحتية لمعالجة المياه في العراق من محطات معالجة المياه (الخريطة 3) والوحدات المدمجة لمعالجة المياه ومحطات الطاقة الشمسية التي تستخدم لمعالجة موارد المياه السطحية والجوفية. يبلغ الإنتاج اليومي من مياه الشرب حالياً حوالي 12,5 مليون متر مكعب في اليوم. ويمكن لمحافظة بغداد أن تعالج أكثر من 3,5 مليون متر مكعب في اليوم بينما لا تستطيع معظم المحافظات الأخرى معالجة أكثر من مليون متر مكعب في اليوم، في حين أن البعض منها يعالج ما لا يزيد عن 0,5 مليون متر مكعب في اليوم.[15]

حطات معالجة المياه في العراق - البُنية التحتية للمياه في العراق
الخريطة (3): مواقع محطات معالجة المياه في العراق. [16]

البُنية التحتية للصرف الصحي ومعالجة الصرف الصحي

يتمتع ما يقرب من 30% من سكان العراق بإمكانية الوصول إلى نظام الصرف الصحي، ومن بين المحافظات الـ 18، يوجد 10 فقط لديها مرافق لمعالجة مياه الصرف الصحي. [17] ويتركز الوصول إلى أنظمة الصرف الصحي في المناطق الحضرية حيث تتوفر مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، وهذا يعني أن معظم المناطق الريفية غير مرتبطة بأنظمة الصرف الصحي، وبالتالي تلجأ إلى وسائل بديلة لتصريف مياه الصرف الصحي (مثل الحفر الامتصاصية تحت الأرض أو تصريف النفايات غير المعالجة في القنوات أو الأنهار). تم توضيح التوزيع المكاني لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي في الخريطة رقم 4.

محطات معالجة مياه الصرف الصحي في العراق
الخريطة (4): مواقع محطات معالجة مياه الصرف الصحي في العراق. [18]

تخدم شبكة الصرف الصحي في بغداد ما يقرب من 78% من سكان المحافظة، ولكن بالنسبة للمحافظات المتبقية التي لديها مرافق معالجة، فإن نطاق شبكة الصرف الصحي يغطي أقل من 30% من المنطقة، وفي بعض الحالات، أقل من 10%. [19] إن الآثار المترتبة على الصحة العامة في ظل هذه الظروف وخيمة، مما يعرض السكان لمسببات الأمراض والملوثات الأخرى التي تدخل إمدادات المياه بسبب تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة لمصادر المياه العذبة. وبين عامي 2007 و2012، قد تم الإبلاغ عن ثلاث حالات تفشي للكوليرا على الأقل، وفي كل عام بين عامي 2007 و2010، قد تم الإبلاغ عن أكثر من 44,000 حالة من حالات التيفود والزحار العصوي والتهاب الكبد “ب.” [20] وفي عام 2012، قد توفي أربعة أشخاص على الأقل نتيجة تفشي الكوليرا في شمال العراق.[21]

أنظمة المياه التقليدية

إن العراق، ولا سيما شمال العراق، غني بما يُسمى الفجّارة، أي أنظمة القنوات الجوفية المعروفة أيضاً باسم القنوات والأفلاج والفقارة أو الخطارة في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط. وتعتبر هذه أنظمة تقليدية لإدارة المياه الجوفية، ويعود تاريخها إلى قرون أو، في بعض الحالات، إلى آلاف السنين.

في العصر الحديث، غالباً ما تنافس هذه الفجارات آبار المياه الجوفية وتتوقف عن العمل مع انخفاض منسوب المياه الجوفية بسبب الإفراط في ضخ المياه. وبالإضافة إلى ذلك، تتطلب الفجارات قدراً كبيراً من الصيانة لضمان استمرارية عمل جميع الأنفاق وضمان خلوها من الأنقاض، إذ قد أدى هذين العاملين إلى التخلي عن العديد من الفجارات في العراق. [22]

[1] Ahmad-Rashid, K, 2017. ‘Present and future for hydropower developments in Kurdistan’. Energy Procedia 112: 632-639.
[2] Garland, C, 2019. ‘Army wraps up Mosul Dam mission, the ‘construction project that never ends’’. Published by Stars and Stripes on 21 June 2019.
[3] Trevi, n.d. Mastering the task: Mosul Dam project.
[4] Ingram, E, 2019. ‘Trevi return Mosul Dam to the Iraqi technicians, but this dam is effectively a construction project that never ends’. Published by Save the Tigris on 30 June 2019.
[5] This issue was studied extensively for the national water strategy, and it was found that the dam would need to operate at 330 m to offer full flood protection. Ministry of Water Resources of Iraq, 2014. Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[6] The Rashava-Deralok Dam is a gravity dam currently being constructed on the Great Zab River, just upstream of the town of Deralok in Dohuk governorate, Kurdistan Region of Iraq. The dam will support a 37.6 MW run-of-the-river hydroelectric power station, with the primary purpose being to address continued power shortfalls in the region. See Iraq Project Series: Deralok Hydropower Plant Construction Project (Overview) video, posted 23 January 2020.
[7] Ministry of Water Resources of Iraq, 2014. Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[8] Ibid.
[9] Ibid.
[10] Mohammed, S, 2018. ‘The importance of fixing Iraq’s irrigation’. Published by 1001 Iraqi Thoughts on 6 July 2018.
[11] Abdullah, M and Al-Ansari, N, 2020. ‘Irrigation projects in Iraq’. Journal of Earth Sciences and Geotechnical Engineering 11(2), 2021: 35-160.
[12] Mohammed, S, 2018. ‘The importance of fixing Iraq’s irrigation’. Published by 1001 Iraqi Thoughts on 6 July 2018.
[13] Japan International Cooperation Agency, 2016. Data Collection Survey on Water Resource Management and Agriculture Irrigation in the Republic of Iraq.
[14] Ministry of Planning/Central Organization for Statistics and Information Technology (COSIT), Ministry of Municipalities and Public Works, Ministry of Environment, Baghdad Municipality, Ministry of Planning/Statistics Office of the Kurdistan Region, Ministry of Municipalities of the Kurdistan Region, Ministry of Environment of the Kurdistan Region, in cooperation with UNICEF, 2011. Environmental Survey in Iraq 2010: Water-Sanitation-Municipal Services.
[15] Ministry of Water Resources of Iraq, 2014. Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[16] Ibid.
[17] Ministry of Planning/Central Organization for Statistics and Information Technology (COSIT), Ministry of Municipalities and Public Works, Ministry of Environment, Baghdad Municipality, Ministry of Planning/Statistics Office of the Kurdistan Region, Ministry of Municipalities of the Kurdistan Region, Ministry of Environment of the Kurdistan Region, in cooperation with UNICEF, 2011. Environmental Survey in Iraq 2010: Water-Sanitation-Municipal Services.
[18] Ministry of Water Resources of Iraq, 2014. Strategy for Water and Land Resources of Iraq 2015-2035.
[19] Ibid.
[20] United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization, 2014. Integrated Drought Risk Management National Framework for Iraq: An Analysis Report.
[21] World Health Organization, 2012. Cholera in Iraq.
[22] Lightfoot, D, 2009. Survey of Infiltration Karez in Northern Iraq: History and Current Status of Underground Aqueducts. United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization.