توجد أنظمة المياه التقليدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ آلاف السنين. تُستَخدم هذه الأنظمة على سبيل المثال في جمع المياه، نقلها أو تخزينها. فكر في القناة (تسمى الفجارة في شمال إفريقيا وبلاد الشام ، والفلج في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ، والخطارات في المغرب ، والكاريز في إيران) ، وهي تقنية ري يتم فيها حفر نفق طويل في الأراضي الجافة التي تسمح للمياه من طبقات المياه الجوفية ليتم الوصول إليها. مثال آخر هو الأنواع المختلفة من الخزانات، والتي غالبًا ما يتم بناؤها لتجميع مياه الأمطار، بينما تعمل أيضًا كمصرف لتجميع مياه الجريان السطحي. فقدت العديد من هذه التقنيات أهميتها مع إدخال تقنيات جديدة. ومع ذلك، لا تزال أنظمة المياه التقليدية في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مناسبة ومستخدمة اليوم.
في هذا المقال نسلط الضوء على بعض الأبحاث من تقارير المياه لدينا ، مع أمثلة من المغرب واليمن وسوريا والإمارات العربية المتحدة.
المغرب: الخطارات
الخطارات (أو القنوات) هي عبارة عن سلسلة متعاقبة من الآبار المرتبطة بقنوات تحت الأرض تؤدي إلى الحقول (الشكل 1). ينبغي أن توفر القنوات ما يكفي من المياه لبساتين النخيل في المنبع مع الاحتفاظ بما يكفي لأولئك عند المصب، وفقاً للتقاليد وحقوق المياه المنصوص عليها في عقود الأجداد. كما يتم أيضاً إنشاء بحيراتٍ صناعية لتخزين المياه للماشية واستخدامها أثناء نقص المياه.[1]
وقد تم حفر الخطارات يدوياً بواسطة مجموعة صغيرة من العمال المهرة. بفضل الصيانة المناسبة، تمكن الخطارات من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الزراعة القائمة على أشجار النخيل والزيتون، فضلاً عن زراعة القمح والشعير والذرة والبرسيم والفاكهة والخضار في الحدائق المغلقة. ومع ذلك، تعتبر الخطارات أكثر من مجرد نظامٍ للري، ذلك أنها تجسد البنية الاجتماعية التقليدية.
اقرأ المزيد عن أنظمة المياه التقليدية في المغرب.
اليمن: الري الفيضي
يعتبر الري الفيضي نظاماً قديماً لجمع المياه يتم من خلاله تحويل مياه الفيضان من قاع النهر وتوجيهها إلى الأحواض حيث يتم استخدامها لري المحاصيل وتغذية أحواض مياه الشرب، وخدمة أراضي الغابات والرعي وإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية المحلية. في اليمن، تم تطوير أنظمة تقليدية كبيرة للفيضانات تتكون من مآخذ فردية عديدة وقنوات تروي مناطق تصل إلى 30,000 هكتار في الوديان الخاصة. تمت صياغة اتفاقيات معقدة لتقاسم المياه، مع وجود قوانين متعلقة بحقوق المياه موجودة في سجلات مكتوبة يرجع تاريخها إلى ما لا يقل عن 600 عام.[2]
تتنوع مناطق الري الفيضي في اليمن ويصعب حصرها، إذ يتوقف هذا على توافر مياه الأمطار والفيضانات. تختلف أسماء هياكل التحويل لنظام الري الفيضي التقليدي من منطقةٍ إلى أخرى. تعتمد المصطلحات المستخدمة على الحجم وطول الطلب ونوع مواد البناء، والأشكال وطريقة البناء والموقع في الوادي. ومن الأمثلة على ذلك أسماء: Oqmas ، Obars ، Atm (في المنطقة الساحلية)، والساقية (في حضرموت وشبوة) Rozzum (في بعض أجزاء المرتفعات). الـ”Ogma” عبارة عن سد ترابي يتم بناؤه عبر التيار الرئيسي للوادي لتحويل كامل تدفق الفيضان في المرحلة المنخفضة ليتم استخدامه في الجزء العلوي من الوديان. في حين أن “Obar” عبارة عن سدود أو حواجز مؤقتة (سد صغير من التربة)، يتم استخدامه في الجزء الأوسط من الوديان، و”Atum” هو حاجز ترابي مؤقت يحيط بالحقل.[3]
اقرأ المزيد عن أنظمة المياه التقليدية في اليمن.
سوريا: النواعير
إن النواعير هي عبارة عن دواليب مائية مصنوعة من الخشب والأوتاد بالإضافة إلى صناديق خشبية مثبتة على الأوتاد. ويتم بناؤها على الأنهار لنقل المياه إلى الأراضي الزراعية والمنازل والمساجد والمقاهي والحانات. وتدور الدواليب مع تدفق المياه عبر النهر. وتواجه فتحات الصناديق تدفق المياه عندما تقترب من سطح النهر وتتركه ممتلئاةً بالماء. ويتم صب هذه المياه في قناة متعددة المسارات لتوزيعها على مختلف المستخدمين.
يوجد في مدينة حماة 17 ناعورة على نهر العاصي، ولكن أربعة منها فقط لا تزال تعمل. يبلغ قطر أكبر نواعير حماة 20 متراً. ويتم تدويرها مرة واحدة كل 20 ثانية، حيث يتم جمع 2,400 لتر من المياه من النهر في كل دورة.
في السابق، كانت النواعير تلعب دوراً أساسياً في الزراعة. وعلى الرغم من أن دورها في الري قد تراجع تدريجياً، سواء بسبب انخفاض منسوب المياه في النهر أو إدخال أنظمة الري الحديثة، إلا أن قيمتها السياحية ازدادت. إن نواعير حماة، التي بناها الآراميون في الفترة ما بين 745-727 قبل الميلاد، تعدّ الأقدم في العالم. وغالباً ما تصور القطع الأثرية السورية النواعير، مثل لوحة الفسيفساء الرائعة الموجودة في شارع الأعمدة في مدينة أفاميا القديمة، على بعد 55 كم شمال حماة، والتي يعود تاريخها إلى عام 420 ميلادي.
اقرأ المزيد عن أنظمة المياه التقليدية في سوريا.
الإمارات العربية المتحدة: الأفلاج
أنظمة المياه التقليدية، أو الأفلاج، هي قنوات أو ممرات مائية من صنع الإنسان تجري إما تحت أو فوق الأرض. والأفلاج جمع فلج. ومصدر مياه الفلج هو نبع أو بئر يتم نقلها إلى السطح بواسطة الجاذبية. يوجد حوالي 40 فلج عامل في الإمارات العربية المتحدة، غالبيتها في الجزء الشرقي من البلاد بالقرب من الحدود مع سلطنة عُمان.
تلائم الأفلاج الظروف الاجتماعية والثقافية في المناطق الريفية في البلاد ذات المناخ الجاف مثل الإمارات العربية المتحدة. إن تدفق المياه المستمر من العديد من الأفلاج عبر التاريخ دليلٌ على أهميتها وكفاءتها وملاءمتها واستدامتها لبيئتهم المائية. ومع ذلك، فإن لدى الأفلاج بعض العيوب. يرد في الجدول (1) ملخص للمزايا والعيوب.
المزايا | العيوب |
استخدام ناجح تاريخياً ومعرفة محلية بطبقات المياه الجوفية المتجددة. | يعتمد التدفق على تقلبات المياه الجوفية، مما قد يكون له أثر سلبي على الزراعة والاستخدامات الأخرى. |
لا حاجة للطاقة حيث تتدفق المياه من منطقة تغذية المياه إلى منطقة استخدام المياه بفعل الجاذبية. | المياه عرضة لمعدلات فقدان عالية حيث لا يمكن التحكم في التصريف ويمكن أن تتجاوز احتياجات المياه خلال بعض الأشهر. |
تسهل صيانتها بمواد متوفرة محلياً. | المياه عرضة للتلوث حيث تتدفق بالقرب من سطح الأرض. |
بما أن استخدام المياه الجوفية يتم في إطار توازن المياه، فإنه لا يؤدي إلى استغلال الموارد المائية المحدودة. | |
تحقق توزيع عادل للمياه بين المستخدمين. |
اقرأ المزيد عن أنظمة المياه التقليدية في الإمارات العربية المتحدة.
[1] Peroni L. The khettara water management ancient techniques promoted in Morocco.
[2] Noman A.A., Indigenous knowledge for using and managing water harvesting techniques in Yemen
[3] Ministry of Water and Environment, 2010. Baseline Survey for Future Impact Evaluation. Sanaa Basin Water Management Project. MWE: 107.