مياه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تحديات المياه في سوريا

ميناء أرواد ، سوريا - تحديات المياه في سوريا
الصورة 1: ميناء أرواد ، سوريا. (المصدر: The Nailman, Flickr)

قد حدد الفريق المعني بالمياه والغذاء والطاقة في الإسكوا[1] التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع المياه قبل بدء الحرب في عام 2011. وتتلخص هذه التحديات على النحو التالي:

الإستخدام غير الفعّال للمياه

يمثل انخفاض إنتاجية المياه في الزراعة تحدياً كبيراً يواجه إدارة المياه في سوريا. وعموماً، فإن صافي العائد للمحاصيل منخفض جداً. أما صافي العائدات للقطن والسكر، واللذان يزرعان على مساحة أكثر من 221,000 هكتار، فهو سلبي (ويقاس بالأسعار الاجتماعية).

ويتم استغلال جميع موارد المياه الجوفية تقريباً استغلالاً مفرطاً، مما يؤدي إلى انخفاضٍ مستمر في مستويات المياه الجوفية. وإن هذا غير مستدام ويؤدي إلى زيادة العجز في توازن المياه.

ويُمثل الفاقد الطبيعي والإداري للمياه تحدياً آخر. حيث يبلغ متوسط المياه المهدورة 33% على المستوى الوطني وقد يصل إلى 40% في بعض المناطق. إن الأسباب الرئيسية هي الربط غير القانوني بالشبكات والنوعية والكمية غير الملائمة للعدادات في نظام إمدادات المياه.

ضعف الإطار الاجتماعي- الاقتصادي

لم يتناول التحديث الاقتصادي الذي كان جزءاً من الخطة الخمسية (2006-2010) قطاع المياه بأكمله. وتم التعامل مع مياه الشرب في الغالب كقطاع اقتصادي (خدمة)، في حين ظل قطاع الري خدمةً عامة، مع وضع قيمة ضئيلة أو معدومة على استهلاك المياه. وعلى الرغم من الشروع بتحديث قطاع الري، إلا أن ذلك لم يرافقه دوماً التغييرات اللازمة في تخصيص المياه الفعلي. وقد كانت المشاركة والمنافسة بين الشركات الخاصة محدودة، مما قد أعاق تقديم الممارسات المبتكرة بكفاءة.

القيود السياسية والاقتصادية

تُهيمن الأهداف الوطنية للأمن الغذائي على السياسيات الزراعية في سوريا، مما يحفز إنتاج الحبوب ذات القيمة المنخفضة والمستهلكة للماء. وتواصل الحكومة تقديم الدعم ذي الصلة بالأسعار والمدخلات لمزارعي القمح والحبوب الأخرى، على الرغم من وجود درجة معينة من تحرير السوق المحلي للحبوب. ويعتبر القمح المستهلك الرئيسي لمياه الري، وخاصة في سلة خبز البلاد في الشمال الشرقي.[2]

تزايد الطلب والتحضر

بالإضافة إلى تراجع توافر المياه العذبة، تعتبر الرؤية المشتركة غائبة في قطاع المياه. وقد أدى ذلك إلى الافتقار إلى التواصل والتنسيق بين مختلف أصحاب المصلحة. إن ندرة المياه هي إلى حدٍ كبير من أعراض سوء الإدارة أكثر من الندرة الفعلية. ويمكن مواجهة التحديات الطبيعية والتي تتميز بالتبخر الشديد وتفاوت تساقط الأمطار عبر الزمان والمكان بممارسات الإدارة الجيدة. وإن جمع مياه الأمطار له إمكانات كبيرة إلا أنه غير مستخدم كما ينبغي.

توجد العديد من القوانين واللوائح المعمول بها لحماية موارد المياه من التلوث والاستغلال المفرط. ومع ذلك، فإن الإنفاذ الفعال سيتطلب إصلاحاً مؤسسياً كبيراً وإدخال تدابير المساءلة، والتي يتم الافتقار إليها في الوقت الحالي.

حماية المناخ والتكيف مع التغيرات المناخية

غالباً ما تواجه سوريا فترات جفاف، والتي لها عواقب وخيمة على الموارد المائية والأنشطة الاقتصادية ذات الصلة. وتشير العديد من الدراسات الدولية إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى تفاقم شدة وتواتر أحداث الجفاف. وعلاوةً على ذلك، فإن من المرجح أن يصبح تواتر وشدة هطول الأمطار غير متوقع على نحو متزايد، مما سيزيد من التفاوت في تخصيص الموارد المائية. وتشير الدراسات المختلفة إلى تأثيرات مختلفة بسبب تغير المناخ. وقد تم هنا اعتماد تخفيض بنسبة 32% في توافر الموارد المائية بحلول عام 2050، كما تنبأت به الأمم المتحدة.

تأثير الحرب: الاحتياجات قصيرة الأجل هائلة

إن التحديات طويلة الأجل لموارد المياه في سوريا، كما كان الحال قبل الحرب، مُلحة اليوم بنفس القدر، إن لم تكن بقدرٍ أكبر. إن هذه التحديات هي نتيجة سنواتٍ من عدم الاهتمام الكافي بالإدارة المستدامة لموارد المياه. ويعزى ذلك جزئياً إلى أهداف الأمن الغذائي، مما قد أدى إلى سياسات وحوافز اقتصادية ساهمت في استنفاد احتياطي المياه في البلاد. وفي الآونة الأخيرة، فقد شهدت الحرب تدميراً واسعاً للبنية التحتية للمياه، سواء كانت تلك المرتبطة بتزويد المياه للأغراض المنزلية والزراعية والصناعية أو لمعالجة مياه الصرف الصحي أيضاً، مما يؤثر بشكلٍ مباشر على الرفاه الاجتماعي والاقتصادي وصحة السكان. وبمعنى آخر، فإن الاحتياجات ا في الأجل القريب هائلة.

إمدادات مياه الشرب

في أجزاء كثيرة من البلاد، قد تعطلت إمدادات مياه الشرب إلى حدٍ كبير. ولم يقتصر الأمر على محدودية الوصول إلى المياه بشكلٍ كبير بسبب تعطل أو تدمير شبكات الإمدادات ونقص قطع الغيار ونقص الوقود وانقطاع الكهرباء، بل قد أدت الحرب أيضاً إلى نزوح الآلاف من الناس، وخاصة سكان الريف والذين انتقلوا إلى المناطق الحضرية غير المجهزة بما يكفي للتعامل معهم. وقد أدى ذلك إلى زيادة الأمراض المنقولة عن طريق المياه. وكثيراً ما تتعرض المدن الكبرى لنقص المياه والكهرباء.

معالجة مياه الصرف الصحي

إن غالبية محطات معالجة مياه الصرف الصحي قد توقفت عن العمل بسبب عدم توافر الوقود وقطع الغيار، وانقطاع التيار الكهربائي وتدمير البُنية التحتية. وقد نتج عن ذلك تلوث واسع النطاق في المياه الجوفية والمياه السطحية، وتزايد خطر التعرض لمياه الصرف الصحي، والنفايات السائلة الصناعية والأمراض المنقولة عن طريق المياه.

[1] In 2005/2006, 75% of wheat production was realized in the four governorates of Hasakeh, Aleppo, Raqqa and Deir ez-Zor, according to USDA figures. Retrieved from www.pecad.fas.usda.gov/highlights/2008/05/Syria_may2008.htm. Accessed on [19-03-2019].
[2] Trondalen, J. 2009. ‘Climate Changes, Water Security and Possible Remedies for the Middle East’. Scientific paper for UNESCO-PCCP. Available at www.unwater.org/downloads/181886E.pdf. Retrieved on [19-03-2019].