الخلاصة
لا يمكن لسوريا، كحال معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تلبية الطلب الحالي على المياه، ومن المحتمل أن يزداد الوضع سوءاً. ومع التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار بعد الحرب، وارتفاع معدل النمو السكاني، فسيزداد الطلب على المياه.و يعد تغيير أنماط هطول الأمطار بسبب تغير المناخ والاعتماد الكبير نسبياً على الموارد المائية المشتركة دولياً من التحديات التي تواجه إدارة موارد المياه في سوريا.
الوضع المتوقع للموارد المائية في عام 2050
سيتم استنزاف موارد المياه في خمسة أحواض مائية: بردى والأعوج، والعاصي، والسهوب، ودجلة والخابور، واليرموك. تشير الإحصاءات إلى أن المتوسط الحالي لنقص المياه يبلغ 1,727 مليون متر مكعب سنوياً.[1] وسيصل هذا النقص إلى 6,2 مليار متر مكعب في عام 2050 بسبب الاستهلاك المتزايد وسوء إدارة الموارد غير المتجددة إلى جانب النمو السكاني والنمو الاقتصادي.[2] وسيؤدي إنخفاض الهطول المطري وتذبذبه إلى تفاقم هذا الوضع، مما سيؤدي إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية، وجفاف بعض الينابيع، وانخفاض تصريف بعض الأنهار، فضلاً عن تعرض بعض الموارد المائية للتلوث من مصادر مختلفة.
استرتيجية طويلة الأمد
مواجهة تحديات المياه الحالية والمستقبلية، تحتاج سوريا إلى بناء إستراتيجية وطنية شاملة للمياه. وفي عام 2009، بدأ أصحاب المصلحة المعنيين بالمياه بإجراء دراسة أساسية عن المياه كخطوة أولى نحو تطوير هذه الاستراتيجية. وقد تم تعطيل هذه الدراسة بسبب اندلاع الحرب في عام 2011.
وفي إطار برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا بقيادة الأمم المتحدة، يجتمع المئات من خبراء المياه السوريين والدوليين منذ عام 2013 لوضع مبادىء توجيهية لسياسات المياه الوطنية المستقبلية في سوريا. إن بعض الموضوعات الرئيسية التي تم تسليط الضوء عليها هي: تطبيق مبادىء الإدارة المتكاملة للموارد المائية (IWRM) كمعيار؛ وربط الخطط الوطنية لاستخدام الأراضي بالموارد الطبيعية المتاحة؛ وتطبيق مبادىء الإدارة المتكاملة للموارد المائية للتعاون الدولي مع بلدان المشاطئة؛ وتعزيز الإطار المؤسسي والسياسي للمياه؛ وإنفاذ القوانين المتعلقة بالمياه؛ واعتماد نهج تشاركي في إدارة الموارد المائية.[3]
التعاون مع الدول المشاركة
تأتي أكثر من 70% من مياه سوريا من خارج حدودها، وعلى الرغم من ذلك، تفتقر البلاد إلى اتفاقيات ملزمة لتقاسم المياه مع أي من جيرانها. إن التهديد المحدق بالموارد المائية في سوريا وبالتالي لشعبها واقتصادها حقيقي وكبير. تعزز أفضل الممارسات الدولية، مثل مبادىء دبلن، الوضع لإتباع نهج تعاوني ومشترك لتطوير وإدارة المياه المشتركة. ويدعم أيضاً القانون الدولي، لتوسيع نطاق ما ينعكس في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مصادر المياه الدولية، التعاون بين دول المشاطئة ولا سيما المبادىء التوجيهية التي لا ينبغي بموجبها أن تسبب دول المشاطئة أي ضرر كبير؛ وينبغي على مستخدمي النهر استخدام المجرى المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة تجاه الدول الأخرى التي تتقاسم المجرى المائي بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والمستدام.
ويمكن لكلا المبدأين أن يدعما بشكل إيجابي نهجاً تعاونياً.[4] وكما أظهر العراق، فسيلعب الأمن المائي دوراً حاسماً في استراتيجيات سوريا لإعادة الإعمار والتنمية طويلة الأجل ما بعد الصراع. ويمكن أن يسهم التعاون عبر الحدود حول تنمية الموارد المائية وتدفقاتها مساهمة هامة في تعافي كلا البلدين. وعلى العكس من ذلك، في حال لم يتم ذلك بنجاح، فستغذي ندرة المياه المظالم وستزيد من فقر السكان وستسهم في تكرار عدم الاستقرار.
[1] Mahmoud, DH and Sayegh, C. 2017. Syrian Water Situation – Analytical Study and Future Prospects. Homs: Baath University.
[2] Mourad, K and Berndtsson, R. 2012. ‘Water Status in the Syrian Water Basins’. Open Journal of Modern Hydrology Vol. 2, No. 1, pp.15-20.
[3] Framework of the National Agenda for the Future of Syria II programme developed and implemented by the United Nations Economic and Social Commission for Western Asia.
[4] Ibid.