مياه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

موارد المياه في اليمن

Al Mukalla
الصورة 1: المكلا، اليمن (المصدر: Helen Bachari, Flickr).

إلى جانب وجود واحد من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم، يتمتع اليمن أيضاً بأعلى معدل لاستنفاد الموارد المائية في الشرق الأوسط. إن صنعاء هي العاصمة الوحيدة التي قد ينفد منها الماء خلال العقد القادم. فقد ساهم مزيج من النمو السكاني المرتفع واستنفاد موارد المياه في أزمة المياه التي قد تكون واحدة من أشد الكوارث التي شهدها العالم على الإطلاق.[1]

المياه السطحية

تعدّ المياه السطحية مصدراً مهماً للري. تتكون المياه السطحية من السيول والينابيع الموسمية، مع اختلاف الكمية والنوعية حسب المنطقة. تقدر موارد المياه السطحية بحوالي 1000 مليون متر مكعب في السنة، ولكن هذه الكمية تعادل الجريان السطحي من الوديان الرئيسية ولا تشمل الجريان السطحي الناتج في مستجمعات المياه الأصغر. في ظل ظروف التدفق الطبيعي، يكون المستوى الأساسي لحوض الصرف إما البحر أو انخفاض طوبوغرافي حيث يحدث التبخر الهائل كآلية تصريف طبيعية رئيسية.

ووفقاً لذلك، يمكن تقسيم اليمن إلى أربعة أحواض صرف رئيسية: حوض البحر الأحمر، وحوض خليج عدن، وحوض بحر العرب، وحوض الربع الخالي (الخريطة 1). بالإضافة إلى ذلك، يتأثر معامل الجريان السطحي بعاملين على الأقل من العوامل الناجمة عن التدخل البشري، وهما: المصاطب الممتدة على المنحدرات الجبلية والاستخدام واسع الإنتشار لتقنيات حصاد الأمطار، والتي تمارس على نطاق واسع على المنحدرات الجبلية لتلبية احتياجات المياه المنزلية أو مياه الري. وفي الواقع، فإن هذين العاملين مترابطان نظراً لأن عمل المصاطب ذاته قد يُعتبر تقنية من تقنيات حصاد الأمطار.[2]

المياه السطحية اليمن، موارد المياه في اليمن
الخريطة 1: أنظمة المياه السطحية الرئيسية. @Fanack Water

المياه الجوفية

تقدر موارد المياه الجوفية المتجددة بـ1500 مليون متر مكعب في السنة، والتي تأتي في الغالب من الترشيح في قيعان الأودية الرئيسية. يبلغ الطلب السنوي على المياه للاستخدام المنزلي والصناعي والاستهلاك الزراعي حالياً 3,900 مليون متر مكعب في السنة، وهو ما يتجاوز بكثير الموارد المتجددة من كل من المياه السطحية والمياه الجوفية البالغة 2,500 مليون متر مكعب في السنة. بشكلٍ عام، يبلغ توفر المياه للفرد في العام 80 متر مكعب، وهو أقل بكثير من مستوى فقر المياه بحسب أرقام البنك الدولي والبالغ 1000 متر مكعب/ للفرد/ السنة. وكما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة، تعد الزراعة بشكل ضخم أكبر مستهلك لأكثر من 3,060 مليون متر مكعب في السنة، أو 90% من إجمالي استهلاك المياه. يتم سحب معظم المياه من المياه الجوفية – الينابيع والآبار والآبار السبرية – حيث أدى هذا إلى استنزاف خطير للمياه الجوفية حيث أن الكميات المسحوبة تتجاوز بكثير التغذية السنوية للمياه الجوفية.[3]

وتوضح الخريطة (2) تنوع أنظمة طبقات المياه الجوفية في جميع أنحاء البلاد والتنوع في الظروف الهيدروجيولوجية والتي قد أدت إلى مجموعة واسعة من أنظمة تطوير المياه الجوفية. توجد طبقات المياه الجوفية عالية الإنتاجية على طول الساحل في الوديان المليئة بالرسوبيات وفي المراوح الفيضية والدلتا الناتجة عن العملية المستمرة للفيضانات والترسبات. وتوجد طبقات مياه جوفية مهمة في سهل تهامة، وتوبان- أبين، وأحور- ميفع في الجنوب، ورملة السبعتين في الغرب، ووادي حضرموت في الشرق.

ويوجد في السهول الجبلية طبقات المياه الجوفية الرسوبية المهمة في أحواض صعدة وعمران ومعبر- ذمار ورداع. وتتمتع طبقات المياه الجوفية هذه بنفاذية جيدة وظروف إعادة تغذية مواتية. وفي الشرق توجد أحجار المكلا الرملية، والتي تشكل أكبر مجمع للمياه الجوفية في اليمن مع إنتاجية معتدلة، وتمتد إلى المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

المياه الجوفية اليمن، موارد المياه في اليمن
الخريطة 2: أحواض المياه الجوفية الرئيسية. @Fanack Water

موارد المياه غير التقليدية

تحلية المياه
يوجد حتى الآن محطتان لتحلية المياه في اليمن، تقع إحداها في عدن تسمى محطة الحسوة للكهرباء. تستخدم هذه المحطة لتزويد مدينة عدن بالكهرباء بشكلٍ رئيسي من خلال تسخين مياه البحر، وتنتج حوالي 69,000 متر مكعب في اليوم من المياه العذبة. تختلط هذه الكمية من المياه مع شبكة إمدادات المياه في عدن. المحطة الثانية لتحلية المياه قيد الإنشاء وتقع في منطقة المخا على بعد 100 كم جنوب محافظة تعز. تم بناء هذه المحطة من قبل القطاع الخاص (مجموعة هائل سعيد). في عام 2002، بلغ إجمالي القدرة المركبة لتحلية المياه (القدرة التصميمية) 76,596 متر مكعب في اليوم أو 28 مليون متر مكعب في السنة (Wangnick Consulting، 2002). بلغ إنتاج المياه المحلاة 25,1 مليون متر مكعب في عام 2006.
في العديد من الأماكن في البلاد، تظهر المياه قليلة الملوحة بشكلٍ طبيعي إما في المياه السطحية أو في المياه الجوفية. ومع ذلك، تسبب السحب واسع النطاق للمياه الجوفية في زيادة الملوحة في العديد من الأحواض خاصة في المناطق الساحلية. لم يتم تحديد كمية المياه قليلة الملوحة الفعلية في جميع أنحاء البلاد، ومع ذلك، تبلغ كمية المياه قليلة الملوحة الصالحة للاستخدام في الزراعة في اليمن حوالي 300 مليون متر مكعب في السنة ومعظمها في المناطق الساحلية خاصة في منطقة تهامة. من ناحية أخرى، تبلغ كمية المياه قليلة الملوحة المستخدمة في إمدادات المياه لمدينة تعز حوالي 3,1 مليون متر مكعب في السنة.[4]

تحلية المياه لاستخدامها كمصدر مستقبلي محتمل هي واحدة من الحلول المقترحة لمنع أزمة المياه في اليمن من الوصول إلى مستويات كارثية. تبعاً لذلك، فإن الدراسات المستفيضة حول تحلية المياه، والتي تتمثل في تحويل مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب، ستكون مفيدة لتوفير المياه للسكان الذين يعيشون بالقرب من الساحل. ومع ذلك، تعتبر تحلية المياه باهظة الثمن، وستؤدي التكاليف إلى رفع سعر المياه للسكان بالمجمل، مما سيجعلها غير ممكنة التطبيق.[5]

إعادة استخدام المياه العادمة
تشير المياه الرمادية إلى المياه العادمة المستمدة من أحواض الاستحمام، ومغاسل اليدين، والغسالات، وأحواض المطبخ وأحواض الوضوء في المساجد. أظهرت نتائج دراسة عينات المياه الرمادية التي تم جمعها أسبوعياً من المساجد في صنعاء لتحديد الجودة أن الخواص الكيميائية والفيزيائية للنترات والأمونيا والفوسفات والمواد الصلبة العالقة الكلية، كانت ضمن الحدود المقبولة لإعادة استخدام المياه في الري. ومن ناحية أخرى، أظهرت النتائج أن الصفات الميكروبية والبيولوجية للقولونيات البرازية في الماء، والأكسجين الحيوي الممتص (BOD5) والأكسجين الكيميائي المستهلك (COD) أعلى من المستويات المسموح بها لأغراض الري.[6]

كمية المياه العادمة
يتم تطبيق تقنيات مختلفة لمعالجة مياه الصرف الصحي في اليمن، بدءاً من أكثر أنواع أنظمة الحمأة المنشطة بالتهوية الممتدة تطوراً ووصولاً إلى برك التثبيت البسيطة. هناك أكثر من 17 محطة رئيسية في المناطق الحضرية وأكثر من 15 محطة صغيرة لمعالجة مياه الصرف الصحي في الريف قيد التشغيل، ويبلغ إجمالي التدفق لمياه الصرف الصحي المعالجة حوالي 300,000 متر مكعب في اليوم، أو حوالي 100 مليون متر مكعب في السنة. تجاوزت الكمية المنتجة القدرة التصميمية للمحطات في أماكن مثل صنعاء وإب، بينما لا يزال البعض الآخر، كما هو الحال في عدن، قيد التصميم. الأكسجين الحيوي الممتص لتدفقات المخلفات السائلة هو خارج المدى للخصائص المعروفة له في العالم، الأمر الذي كان متوقعاً بسبب ندرة المياه. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2005 أن الأكسجين الحيوي الممتص قد ازداد بشكل كبير في صنعاء من 550 ملليغرام لكل لتر (ملغم/لتر) في عام 1985 إلى 800 ملغم/لتر في عام 1992 ووصل إلى 1100 ملغم/لتر في الفترة 2000-2004.[7]

جودة المياه العادمة
يتراوح مدى الأكسجين الحيوي الممتص لتدفق المخلفات السائلة ما بين 1000 و1200 ملغم/لتر في المدن الجبلية مثل صنعاء، بمتوسط يتراوح بين 500 و700 ملغم/لتر في المدن الساحلية . تختلف جودة المخرجات من محطة معالجة إلى أخرى، حيث تكون جيدة النوعية في منطقة حجة حيث يتراوح مدى الأكسجين الحيوي الممتص ما بين 30-50 ملغم/ لتر [8]، إلى نوعية سيئة للغاية في صنعاء حيث يبلغ مدى الأكسجين الحيوي الممتص 291 ملغم/ لتر. [9] في المناطق ذات الجودة المتدنية من المخرجات، يكون المزارعون أقل استعداداً لقبول استخدام مياه الصرف الصحي للري. [10] فقد وجدت دراسة ميدانية حديثة جُرّب خلالها زراعة البرسيم الحجازي والقرع باستخدام مصادر الري البديلة (المياه الجوفية والمياه العادمة الخام أو المعالجة)، أن القولونيات الإجمالية والقولونيات البرازية المرتبطة بالمحاصيل كانت أقل بكثير، مما يشير إلى أن الري بالتناوب يمكن أن يكون وسيلة قابلة للتطبيق لإضافة الأسمدة وتقليل التلوث في نفس الوقت.[11]

حصاد مياه الأمطار

يهدف حصاد مياه الأمطار إلى الحيلولة دون هدر أكبر قدر ممكن من الأمطار. قامت الحكومة ببناء العديد من الخزانات الصغيرة لجمع المياه وتحويلها لجمع مياه الأمطار لأغراض الري والاستخدام المنزلي. يمكن لهذه الخزانات إما إعادة تغذية المياه الجوفية أو استخدامها كمياه سطحية. يعدّ استخدام المياه السطحية أسهل بكثير وأكثر فعالية من الحفر وضخ المياه الجوفية. [12] يقوم كل من الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة بتنفيذ مئات من خزانات تجميع مياه الأمطار الإضافية في جميع أنحاء اليمن، إما كخزانات مفتوحة أو مغطاة، خاصة في المناطق الريفية ولكن أيضاً في المناطق الحضرية مثل صنعاء، مما يتيح حصاد مياه الأمطار من الشوارع أو كميات أصغر من أسطح المنازل والمدارس [13]؛ [14] . في بحث حديث أجراه مركز المياه والبيئة بجامعة صنعاء، [15] تمت دراسة جدوى جمع المياه على طول طريق صنعاء إلى الحديدة حيث تعتبر خزانات المياه وبرك المياه المصادر الرئيسية التي تؤخذ بعين الاعتبار للري.
[16]

إجمالي توافر المياه وتوافر المياه للفرد

يتراجع توافر المياه كل عام، إذ قد أفاد البنك الدولي أنه في عام 1990، حصل 71% من السكان على المياه، وفي عام 2010، انخفض هذا الرقم إلى 65%. يعد معدل توافر المياه للفرد الأقل في المنطقة والعالم، إذ يبلغ نصيب الفرد من موارد المياه 80 متر مكعب في السنة – والذي يعدّ منخفضاً جداً مقارنةً بالمتوسط العالمي البالغ 2500 متر مكعب، أو حتى مقارنةً بالمتوسط الإقليمي البالغ 1000 متر مكعب. يقدر إجمالي موارد المياه المتجددة السنوية بـ 2,5 مليار متر مكعب (1,5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية و1 مليار متر مكعب من المياه السطحية). ومع ذلك، يبلغ إجمالي الاستهلاك السنوي 3,4 مليار متر مكعب. وهذا يعني أن 0,9 مليار متر مكعب من المياه الجوفية يتم استنزافها كل عام، مع انخفاض متزامن بمنسوب المياه في معظم طبقات المياه الجوفية، والتي تتراوح بين 2-6 أمتار في السنة. وبالتالي، فمن المتوقع أن تجف موارد المياه الجوفية الثمينة في غضون الـ 15-50 سنة القادمة.[17]

<[1] Wikipedia (based on UN data), n.d. List of countries by population growth rate.
[2] FAO, 2018. Yemen Plan of Action 2018-2020.
[3] FAO, 2019. Yemen Famine Prevention Plan. January-June 2019.
[4] ACWUA, 2010. Wastewater Reuse in Arab Countries.
[5] Glass N, 2010. ‘The water crisis in Yemen: Causes, consequences and solutions’. Global Majority E-Journal 1(1):17-30.
[6] Al-Tawqi A et al., 2018. Reuse of wastewater from Sanaa WWTP through planting. Water and Environment Centre, Science. www. Wec.edu.ye
[7] Al-Nozaily F. A., Khidhr F. and Salah A. I. (2006). Evaluation of Sana’a wastewater treatment plant. Journal of Science and Technology, Vol 11 (2006): Issue 2 (https://ust.edu/ojs/index.php/JST/issue/view/56)
[8] Ibid.
[9] Ibid.
[10] ACWUA, 2010. Wastewater Reuse in Arab Countries.
[11] Al-Tawqi A et al., 2018. Reuse of wastewater from Sanaa WWTP through planting, Sanaa University. Water and Environment Centre, www. Wec.edu.ye
[12] Van Steenbergen F et al., 2010. Guidelines on spate irrigation. FAO Irrigation and Drainage Paper 65.
[13] SFD yearly report 2017; https://sfd-yemen.org
[14] PWP yearly report 2018; http://www.pwpyemen.org/index.php/en/
[15] Al-Maswari, A.; Saleh, Sh.; Al-Nozaily, F. (in prep) Rain Water Harvesting Potential from Roads in Yemen, its social and economic benefits on national scale, A case study: Sana’a Al-Hodiedah Road – Yemen
[16] The World Bank, 2017. Yemen population growth (annual %).