مياه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

عُمان تكثِّف جُهود البحث والابتكار لحلِّ مشاكلِ المياه

مركز تحلية الشرق الأوسط
الصورة 1: مركز تحلية الشرق الأوسط (MEDRC)، مسقط، عُمان.

كالعديد من البُلدان في منطقة الشَّرقِ الأوسطِ وشمال أفريقيا ، تواجه قطاع المياه في عُمان تحدّيات متعدد، ومن بعض أهمها: شُحّ المياه؛ وتحلية المياه كثيفة الاستخدام للطاقة؛ وارتفاع استهلاك المياه في القطاع المنزلي؛ واستهلاك المياه الجوفية غير المستدام في القطاع الزراعي؛ والتوجيه الغير فعال للمعونات الحكومية.[1]

تحرصُ الحكومة العُمانية على دعم الأبحاث والابتكارات، والتي من شأنها أن تُقدم حلولاً لهذه التحديات. وبناءً على ذلك، أنشأتِ الحكومة العُمانية العديد من المنصّات لتمكين البحث والابتكار في مجالات مختلفة، بما في ذلك مجاليْ المياه والبيئة. على سبيل المثال ، يهدف مجلس البحث العلمي العُماني إلى بناءِ القدرات البحثية، وخلق بيئةٍ داعمةٍ للبحوث، وتوفير التمويل اللازم للباحثين ، بهدف زيادة الكفاءة والإنتاجية.

تمّ تأسيس مركز تحلية الشرق الأوسط (MEDRC)، ومقرّه في العاصمة مسقط ، في عام 1996. يعمل MEDRC بالتوافق مع إستراتيجية الحكومة للتعامل مع التحدّيات البيئيّة الإقليمية أو العابرة للحدود. علاوةً على ذلك، يلعب المركز دوراً هاماً في تعزيز البحوث والابتكارات المتعلّقة بالمياه في عُمان. وأفضلُ مثال على ذلك، جائزة الباحث العُمانيَ الشّاب السنويّة، التي ترعاها السّفارة الهولندية في عُمان ؛ ومؤسسة عمر الزواوي، وهي شركة صناعيّة متعددة الأنشطة. حيثُ تهدف الجائزة إلى تشجيع البحوث التي لها تأثيرٌ ملموسٌ على قضايا المياه في البلاد.

جائزة الباحث العُمانيَ الشّاب للمياه
الصورة 2: عبد الله البلوشي وعزّة الصبحي، الفائزين بجائزة الباحث العُمانيَ الشّاب للمياه، خلال زيارتهم لمعهد IHE في مدينة دلفت، هولندا.

في عام 2018 ، تمّ منحُ جائزة المركز الأوّل عن فئة الدّراسات العُليا إلى عبد الله البلوشي، وهو طالب في جامعة نبراسكا في الولايات المتحدة. أما في فئة البكالوريوس ، فازت عزّة الصبحي من الكليّة البحرية الدُّولية في عُمان بالمركز الأوّل.

تلقى كلاّ من الفائزيْن الأُسبوع الأوروبيّ لتكنولوجيا المياه والذي أُقيم في مدينة ليواردن (Leeuwarden) الهولنديّة؛ وحلقة دراسيّة في معهد IHE للمياه في مدينة دلفت (Delft). أُتيحت الفرصة لـ Fanack Water للقاء الباحثيْن وإلقاء نظرة على أبحاثهم أثناء الزيارة. عبّر الفائزون عن فخرهم واعتزازهم بالحصول على الجائزة، كما أنّهم يدركون أهميتها في زيادة فرصهم في الحصول على منحة لمتابعة دراساتهم العُليا.

يتركّز بحثُ الصّبحي على استخدام المواد القائمة على الجرافين في معالجة مياه الصرف الصّحيّ. وقالت “إن إنتاج مياه الصرف الصحي ، وخاصة مياه الصرف الصناعية، هو تحدً آخر”. “ميناء صُحار هو مثال على ذلك، حيثُ أدى التّوسع في الأنشطة الصناعية في الميناء إلى إنتاج كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي “.

وكما قالت إنها ترى إمكاناتٍ كبيرة في معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحيّ للتغلّب على نُدرة المياه، مضيفةً “كونِك باحثًا يتطلب حافزًا وعملًا شاقًا … لقد عملت فترات طويلة مع الزملاء الآخرين للوصول إلى النتائج”.

وفي الوقت نفسه، بحث البلوشي تكنولوجيا التقطير باستخدام الأغشية كتكنولوجيا أكثر فعاليّة من تكنولوجيا التّناضُح العكسيّ لمياه البحر وتحلية مياه البحر، من حيثُ التكلفة. “تعتمد عُمان على تحلية المياه كمصدرً رئيسيّ للمياه، كما أنّ تكاليف تحلية المياه باستخدام التناضح العكسيّ مرتفعة نسبياً. لهذه الأسباب، بحثتُ في جدوى استخدام تقنيّة التّقطير الغشائيّ” قال البلوشي. “كانت المعايير الرئيسيّة لاختيار موضوع البحث الخاص بي، هو أنني أُريد دائماً دراسة المشاكل والتقنيّات القابلة للتطبيق والمتعلّقة بعُمان”. بالنسبة لعبدالله، كان الجزء الأكثر صعوبةً في البحث هو جمع البيانات والاتصال بالخبراء المحليين ، لذلك اعتمد بشكلً أساسيّ على البيانات الواردة في التقارير المنشورة على صفحات الإنترنت.

ووفقاً لتقرير فَنَك للمياه عن عُمان، برزت تحلية المياه كمصدرٍ رئيسي للمياه المنزلية، ووفقاً لاستراتيجية المياه الحالية سيتم تلبية معظم الطلب للأغراض المنزلية. وبحلول نهاية عام 2011، كان هناك 94 محطة لتحلية المياه في عُمان، منها 47 لتحلية مياه البحر و47 محطة لتحلية المياه قليلة الملوحة، حيث يبلغ إجمالي إنتاجها 196 مليون متر مكعب، والتي زادت إلى 214 مليون متر مكعب في عام 2014 و 268 مليون متر مكعب في عام 2016. على الرغم من ذلك، تواجه تحليةُ المياه العديد من التّحديات. وتتضمن هذه ارتفاع التكلفة واحتياجات الطاقة، وعدم توافر مرافق ضخمة للتّخزين لتلبية متطلبات الطوارىء، وخسائر الشبكة (المياه غير المُدرّة للدخل)، والتي تُقدر بحوالي 30%، وإغلاق محطّة التّحلية الساحلية بسبب ازدياد نمو الطّحالب الدورية الضّارة.[2]

إدراكاً للحاجة الماسّة إلى خياراتٍ فعّالة وقليلة التكلفة لتحلية المياه ، أطلقت MEDRC  في مارس 2018،بالشراكة مع مجلس البحث العلمي، تحدي عُمان في تحلية المياه للأغراض الإنسانية، وهي جائزة بقيمة 700 ألف دولار ستُمنح للشّخص أو الفريق الذي يطوّر جهاز تحلية محمولٍ منخفض التّكلفة يمكن نشرها بسرعة في أزمة إنسانية. تهدف المبادرة إلى تعزيز ودفع الابتكارات في تقنيات تحلية المياه على نطاق صغير، من أجل تطوير جهود الاستجابة لحالات الطوارئ الإنسانية في أعقاب الكوارث الطبيعية.

“إن توفير محطات تحلية رخيصة، خارج الشبكة وتحميلها يدويًا ، هو عبارة عن مبدل للعبة الإنسانية، كثيرًا ما يتم مناقشته ولكن لم يتم تحقيقه أبدًا. يستغرق الأمر وقتاً ومالاً للحصول على المياه العذبة لضحايا الحرب أو الكوارث الجوية والمناخية، حيث يتم تدمير مصادر المياه العذبة أوعندما تغمر مياه البحر المجتمعات المحلية. نحن بحاجة إلى طريقة للحصول على المياه لأولئك الناس في الساعات والأيام الأولى التي تعقب الأزمة. إن الوصول إلى المياه العذبة النظيفة أثناء الكوارث الطبيعية وبعدها مثل الزلازل أو أمواج تسونامي أو الفيضانات أمر بالغ الأهمية للصحة والبقاء على قيد الحياة. “، قال كياران كوين، مدير المركز، MEDRC.

“نحن نعلم أن هذا التحدي لن يكون سهلاً. إن تقليص تكنولوجيا محطات التحلية التي تحيط بنا اليوم إلى منتج يدوي ومجدي تجارياً يفي بمعايير التصميم لهذا التحدي لن يكون عملاً سهلاً. “، أضاف قائلاً.

كياران كوين
الصورة 3: كياران كوين، مدير المركز، MEDRC.

تتوقع الخطّة الرئيسية للموارد المائية الوطنية في سيزداد الطلب على المياه للأغراض المنزليّة والصّناعية والتجارية والبلدية بأكثر من 50% بحلول عام 2025، مع تحسين الخدمات وتوسيع نطاقها. وسيتعيّن إيجاد مصادر جديدة للطاقة و/أو اتخاذ تدابير أخرى لمواجهة هذا النّمو. وفي حال استعادة الاستهلاك المُستدام لموارد المياه المتجّددة والحفاظ عليه، فمن الضروري السماح لخزانات المياه الجوفية في بعض مناطق البلاد باسترداد مستوياتها السابقة وذلك بالحد من الضخ في بعض المناطق الحرجة، ولا سيما بالقرب من الساحل،[3] لإعادة تهيئة ظروف بيئية- مائية طبيعية، وهذا يتطلب تقنيّات وأدوات واستراتيجيات ومواد مبتكرة لمواجهة هذا التحدي.

[1] Fanack Water, 2018, Water Challenges in Oman. Available at: https://water.fanack.com/oman/water-challenges-oman/. Accessed on 3/1/2019.
[2] Fanack Water, 2018. Water Resources in Oman. Available at: https://water.fanack.com/oman/water-resources-oman/. Accessed on 3/1/2019.
[3] Fanack Water, 2018. What Does Future Hold for Water in Oman? Available at: https://water.fanack.com/oman/future-hold-water-oman/. Accessed on 3/1/2019.

user placeholder
written by
Mohammed Abdullatif
المزيد Mohammed Abdullatif articles