Water of the Middle East and North Africa

تحديات المياه في الجزائر

الصحراء الكبرى - تحديات المياه في الجزائر
الصورة1: رجل يحصل على المياه يدوياً من بئر في الصحراء الكبرى. (المصدر: Christian Lebon, Adobe Stock)

توفر البيانات المتاحة لمحةً عامة عن الوضع منذ الاستقلال (1962) والاتجاه في العقود التالية. هناك نقص بالفعل، لكن الأسوأ من المرجح أن يحدث بالنظر إلى الانخفاض المتوقع في توافر المياه للفرد في عام 2050 إلى أقل من 220 متر مكعب في السنة. ولفهم التحديات المستقبلية للقطاع بشكلٍ أفضل، فمن الضروري النظر في بعض العوامل التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على المورد.

الاستخدام غير الفعال للمياه: تسريب الشبكة، والمخلفات الزراعية، والمياه غير المسجلة

يتمثل التحدي الأكبر في هذا القطاع بالاستجابة للطلب المتزايد. يعزى هذا الطلب بشكلٍ أساسي إلى النمو السكاني والهجرة من الريف إلى الحضر، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التسرب الناتجة عن الشبكات البالية والمعيبة. وعلاوة على ذلك، يتطلب الهدف الذي حددته السلطات وهو 2 مليون هكتار من الأراضي المروية بحلول عام 2019 كمياتٍ من المياه تتجاوز طاقة السدود الحالية، وهناك حاجة إلى ميزانية ضخمة لمعالجة مشكلة ملوحة التربة والمياه. وأخيراً، أدى إنشاء 57 منطقة صناعية جديدة في العشرين عاماً الماضية إلى زيادة الضغط على الإمدادات المحدودة بالفعل.

النزاعات الداخلية على المياه

إن الغموض بين المساواة والتكافؤ واضحٌ بين القطاعات المختلفة. فعلى سبيل المثال، كان يتم توزيع المياه، تقليدياً، بالتساوي بين قطاعي الزراعة والصناعة على الرغم من أن مساهمة كل قطاع في الناتج المحلي الإجمالي غير متكافئة. وفي الوقت نفسه، يعتمد توزيع المياه للأغراض المنزلية والسياحية على الرفاه. ويبرز هذا التفاوت في التوزيع غير العادل والجائر، حيث لا يمكن مقارنة تأثير القطاعات المختلفة من حيث التمويل والتوافر الكمي والنوعي.

أما فيما يتعلق بالجوانب الجغرافية والقطاعية، فلا تتم معالجة التكافؤ لأن القرار يأتي دائماً من الهيئة المشرفة، أي الوزارة.

الشكل (1): التوزيع الجغرافي لإمدادات المياه (مليار متر مكعب). [1]

جغرافياً، وهناك تباين كبير بين الشمال، بخزاناته السطحية ومرافق تحلية المياه، والجنوب، بمياهه الجوفية الوفيرة (الشكل 1)، وكذلك داخل الشمال نفسه، حيث تتوفر مياهٌ أكثر في الشرق مما هو الحال في الغرب، وذلك بحسب وكالات مستجمعات المياه.

القيود السياسية والاقتصادية

لا يزال وضع المياه غامضاً للغاية في الجزائر، كما هو الحال في العديد من البلدان. ويكمن هذا الغموض في اعتباره ضرورةً ينبغي توافرها في متناول الجميع وكسلعةٍ قابلة للتسويق يمكن تقدير قيمتها مالياً.

وفي السنوات الأخيرة، أصبح الاعتراف بقطاع المياه متزايداً، حيث تم إطلاق العديد من المشاريع (بناء السدود والتحويلات بين السدود و 13 منشأة لتحلية مياه البحر) لتحسين توافر المياه وتعزيز جميع القطاعات الاقتصادية. ولا تزال المياه مدعومة بنسبة تصل إلى 66% من قيمتها الحقيقية. ومع ذلك، وفي ظل التراجع الاقتصادي الحالي، فقد لا تتمكن الحكومة من تبرير هذا الدعم المالي لفترةٍ أطول، مما قد يرفع الأسعار على المستخدمين في القطاع الصناعي والمنزلي. ولمواجهة هذه التحديات، ينصب التركيز السياسي والاقتصادي والإداري الحالي على كمية المياه المتاحة. ولا يوجد أي اهتمام بمسألة معالجة جودة المياه.

تزايد الطلب والتحضر

كما هو موضح في الأقسام السابقة، تم اتخاذ تدابير للتعامل مع تزايد عدد السكان (الحضر). ومع ذلك، فإن رفاه الأسر لم يتحقق بعد، حيث أن توافر المياه للفرد لا يزال أقل من حد الإجهاد المائي الذي حدده البنك الدولي.

وفي الواقع، يستمر توافر المياه للفرد في الانخفاض، من 1500 متر مكعب في عام 1962 إلى 430 متر مكعب في عام 2020، ومن المتوقع أن يحافظ على هذا الاتجاه ليصل إلى 220 متر مكعب في عام 2050 (الشكل 2).[2]

ولمواجهة الطلب المتزايد، خاصة في الشمال، اختارت الجزائر بناء سدود جديدة، وإنشاء محطات لتحلية المياه وتفويض التوزيع للشركاء الأجانب الذين يتمتعون بخبرة في هذا المجال.

وتهدف كل هذه الإجراءات إلى ضمان استمرارية الإمدادات، خاصة في أكبر المدن.

الشكل (2): تطور توافر المياه للفرد. [3]

حملات التوعية العامة والتثقيف

تتمحور جهود التوعية الرئيسية حول الاستخدام المأمون والكفؤ للمياه من قبل المستخدمين في المنازل بالدرجة الأولى. وهذا على الرغم من حقيقة أن الزراعة تستهلك نصف المياه المتاحة ويحصل معظم فقدان المياه في المزارع أثناء ري المحاصيل. وعادةً ما تتخذ حملات التوعية شكل الملصقات والمنشورات الإعلامية. [4]

التخفيف من التغييرات المناخية والتكيف معها

بالنظر إلى مناخ الجزائر الجاف وشبه الجاف، من المهم الإشارة إلى أن 85% من الأمطار تتبخر بشكلٍ طبيعي، في حين أن الـ15% المتبقية إما تغذي موارد المياه السطحية (12,4%) أو تعيد تغذية المياه الجوفية (2,6%).[5]

تبرز الحاجة إلى تفكيرٍ جديد لحل مشكلة نقص المياه في المستقبل. للتعويض عن نقص المياه في المناطق القاحلة، يُعدّ استيراد الأغذية طريقةً عقلانية لتوفير موردٍ نادر. ومع ذلك، لا يخلو هذا الخيار من العيوب. فعندما يتم دعم هذه المنتجات المستوردة من قبل الدول المصدرة، يؤثر انخفاض سعرها سلباً على الإنتاج المحلي، الذي يعاني بالفعل. ومن ناحيةٍ أخرى، فقد يشجع ذلك على العودة إلى أساليب المحاصيل التقليدية الأكثر كفاءة في استخدام المياه أو تصميم تقنيات إنتاج جديدة.[6]

ومن المتوقع أن يؤثر التغير المناخي – خاصة درجات الحرارة المرتفعة وقلة الأمطار- على الجزائر والمنطقة ككل في العقود المقبلة. في الوقت نفسه، ومع توسع السكان والمناطق الحضرية فقد باتوا يستهلكون كمياتٍ أكبر من المياه بشكلٍ أكبر من أي وقتٍ مضى. [7] ففي عام 2016، صدقت الجزائر على اتفاق باريس للمناخ الذي اعتمد في عام 2015 في المؤتمر الحادي والعشرين للأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وعليه، التزمت الجزائر بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 7% بحلول عام 2030 وبنسبة 22% إذا ما تلقت دعماً واستثماراتٍ تكنولوجية ومالية كافية من شركائها في التنمية.[8]

[1]Mebarki A, 2010. ‘La région du Maghreb face à la rareté de l’eau. L’exemple du défi algérien: mobilisation et gestion durable des ressources’. 2nd International Conference: Climate, Sustainability and Development in semi-arid regions, August 16-20, 2010, Fortaleza – Ceará, Brazil.
[2]Chaoui MS, Benterki A and van Cauwenbergh N, 2016. ‘Analyse de la politique hydrique en Algérie depuis l’indépendance’. Revue Sciences Humaines 46:A.
[3] Ibid.
[4] World Bank, no date. Agriculture, forestry and fishing, value added (% of GDP).
[5] Chaoui MS, Benterki A and van Cauwenbergh N, 2016. ‘Analyse de la politique hydrique en Algérie depuis l’indépendance’. Revue Sciences Humaines 46:A.
[6]Guesnier B, 2010. ‘Water and sustainable development, failed association without societal governance and decentralized cooperation’. Développement durable et territoires 1:1.
[7] Stratfor Worldview, 2016. Algeria’s Expensive Water Problem.
[8] HuffPost Algerie, 2016. ‘L’Algérie ratifie l’accord de Paris sur le climat’.