مياه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

البُنية التحتية للمياه في تركيا

سد إليسو في تركيا - البنية التحتية للمياه في تركيا
الصورة 1: مشروع سد إليسو الواقع على طول نهر دجلة في مقاطعة باتمان في جنوب شرق تركيا. المصدر: BULENT KILIC / AFP

بين عامي 1950 و1980، قد أعطت تركيا الأولوية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بناءً على موارد المياه والموارد من الأراضي. وعلى هذا النحو، فقد جاء إنشاء المنظمة الرئيسية لتنمية الموارد المائية، وهي المديرية العامة للدولة للأشغال المائية (DSİ)، في عام 1954 في وقتٍ بدأت فيه البلاد بشكلٍ منهجي في دراسة واستغلال مواردها المائية في إطار برامج لبناء البنية التحتية الهيدروليكية الشاملة (السدود، وأنظمة الري والصرف، وآبار المياه الجوفية).[1]

البنية التحتية لمياه الصرف الصحي

في عام 2016، قد أكملت وزارة البيئة والتخطيط العمراني (والتي أعيدت تسميتها إلى وزارة البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي في أكتوبر 2021) مبادرة رئيسية لتقييم وضع معالجة مياه الصرف الصحي في البلاد، بما في ذلك الكفاءة والقضايا التشغيلية لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي المنزلية. يوجد في تركيا 1,170 منشأة لمعالجة مياه الصرف الصحي المنزلية عاملة أو قيد الإنشاء– وفقاً لمشروع تحديد الوضع الحالي لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي المنزلية/ الحضرية وتحديد الحاجة إلى المراجعة (TURAAT) — حيث تتم معالجة 10,5 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي يومياً. [2] ووفقاً لهذا المشروع، فقد أنتجت البلديات 82,9% من مياه الصرف الصحي المعالجة في عام 2016، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 85% في عام 2018. وفي عام 2023 فإن المعدل المستهدف لمعالجة مياه الصرف الصحي البلدية في تركيا ، سيبلغ 100%. [3] وتوضح الخريطة (1) توزيع محطات معالجة مياه الصرف الصحي وكذلك حجم مياه الصرف الصحي المعالجة في جميع أنحاء تركيا.

محطات معالجة مياه الصرف الصحي في تركيا - البنية التحتية للمياه في تركيا
الخريطة 1: توزيع محطات معالجة مياه الصرف الصحي وحجم مياه الصرف الصحي المعالجة في تركيا. [4]

وبحسب الدراسات المتعلقة بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، فإن هناك 26 محطة معالجة مياه للصرف الصحي بقدرات إنتاج متفاوتة. ومع ذلك، فلم يكن هناك سوى 15 محطة منها فقط قادرة على إنتاج مياه قابلة لإعادة الاستخدام في عام 2017. وبسبب المشكلات المعمارية والميكانيكية والتشغيلية المتعلقة بعمليات المعالجة الثلاثية، فإن محطات معالجة مياه الصرف الصحي البالغ عددها 11 محطة لا تدير مرافق استصلاح مياه الصرف الصحي الخاصة بها. وقد تم استصلاح ما مجموعه 29,6 مليون متر مكعب من المياه واستخدامها من محطات معالجة مياه الصرف الصحي المنزلية والحضرية. وقد وجد أن معدل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المنزلية يصل إلى 0,78%.[5]

وقد أظهرت نتائج مسح مياه البلدية لعام 2018 أن 1,397 بلدية من أصل 1,399 بلدية قدمت خدماتها من خلال شبكات مياه الشرب والمرافق العامة. وتستمد البلديات 6,2 مليار متر مكعب من المياه من مصادر المياه المختلفة ويتم نقلها إلى شبكات مياه الشرب والمرافق العامة، حيث إن أقل من 40% من هذه المياه تأتي من السدود، و28,1% من الآبار، و18,4% من الينابيع، و9% من الأنهار، و4,6% من البحيرات أو البرك أو البحار.

ومن إجمالي الـ 6,2 مليار متر مكعب من المياه المسحوبة إلى الشبكات، تمت معالجة 3,6 مليار متر مكعب في محطات معالجة مياه الشرب والمرافق العامة، حيث طُبقت المعالجة التقليدية على 92,1% من المياه المعالجة، والمعالجة المتقدمة على 7,8% من المياه المعالجة، والمعالجة الفيزيائية على 0,1%. [6]

وتمثل مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي مشاكل كبيرة، لا سيما في المدن الكبيرة. يؤدي النمو السكاني والاستيطان غير القانوني والتوسع العمراني غير المخطط له في المناطق الحضرية إلى الضغط على كل من أنابيب المياه وأحواض المياه. وفي حين أن إمدادات المياه غير كافية بالفعل لتلبية احتياجات السكان، فإن النمو الحضري غير المخطط له يؤثر سلباً على كمية ونوعية الموارد المائية في أحواض المياه. ولذلك، فإنه يوصى بنقل المياه من الأحواض الأخرى لتلبية احتياجات الطلب على المياه في المناطق الحضرية، ولكن قبل أن يحدث ذلك، فإنه يجب إصلاح شبكات المياه القديمة والتالفة التي تسبب خسائر كبيرة في المياه، فضلاً عن إمكانية تنفيذ نماذج الطلب على المياه على أساس النمو السكاني للمدن. وبالإضافة إلى ذلك، فيجب توفير الموارد المالية للمشاريع التي تستخدم موارد المياه المتاحة بكفاءة أكبر.

البُنية التحتية للري

تعتبر المديرية العامة للدولة للأشغال المائية (DSİ)، والمديرية العامة للخدمات الريفية (GDRS) والتي تم إغلاقها في عام 2005، والمديرية العامة للإصلاح الزراعي أنها المؤسسات المسؤولة عن تطوير البنية التحتية للري في تركيا. وفي عام 1965، قد تم تطوير أقل من 0,5 مليون هكتار من قِبل الحكومة، ونحو 1,1 مليون هكتار من قِبل المزارعين. واعتباراً من عام 2010، فقد طوّرت المديرية العامة للدولة للأشغال المائية 3,32 مليون هكتار، فضلاً عن تطوير 1,29 مليون هكتار من قِبل المديرية العامة للخدمات الريفية، بينما قد طوّر مليون هكتار من قِبل القطاع الخاص. [7] وهنا تجدر الإشارة إلى أن تطوير الري من قبل القطاع العام يُسمى بالري المُحسَّن، في حين أن تطوير الري من قبل المزارعين أنفسهم دون مشروعٍ يُسمى الري العام أو البدائي.

وعلى الرغم من انخفاض مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي خلال العقود الماضية، فإن القطاع الزراعي ما يزال يلعب دوراً غاية في الأهمية في التجارة الخارجية. ففي عام 2021، قد أنتجت تركيا 61,7 مليون طن من الحبوب والمنتجات النباتية الأخرى، باستثناء المحاصيل العلفية، [8] و24,9 مليون طن من الفاكهة والمشروبات والبهارات، و31,8 مليون طن من الخضراوات. [9]

وبين عامي 1950 و1965، قد بُنيت قنوات ري مفتوحة، كما قد تم إدخال أنظمة الري بالقنوات الصغيرة بعد عام 1965، وشيّدت بين عامي 1970 و1980. وبحلول عام 1990، فإنه قد استخدمت شبكات أنابيب المياه المنخفضة والمتوسطة مع تقنيات الأنابيب المتقدمة. [10] وللحد من الفاقد المائي، فقد غيّرت المديرية العامة للدولة للأشغال المائية سياستها من شبكات التوزيع التقليدية ذات القنوات المفتوحة إلى أنظمة أكثر كفاءة. واعتباراً من عام 2014، قد أصبحت 9% من القنوات الموجودة من القنوات المفتوحة، و3% من القنوات الصغيرة و88% نقل بالأنابيب. [11] أما في أنظمة الري التقليدية، مثل الري السطحي، فإنه غالباً ما تستخدم المياه بطريقة غير فعالة بسبب التسرب والتبخر والخسائر التشغيلية، حيث يتم ري حوالي 81% من إجمالي المساحة المروية في تركيا بالري السطحي و19% باستخدام طرق الري المضغوط.[12]

وتهدف وزارة الزراعة والغابات إلى زيادة استخدام أنظمة الري الحديثة، مما نسبته 29% إلى 94% بعد استكمال المشاريع الجارية.[13]

السدود ومحطات الطاقة الكهرومائية

يوجد في تركيا 861 سداً قيد التشغيل، من بينها، سد أتاتورك الذي تبلغ مساحته 817 كيلومتراً مربعاً، وسد كيبان الذي تبلغ مساحته 675 كيلومتراً مربعاً، وسد إليسو الذي تبلغ مساحته 313 كيلومتراً مربعاً، وسد كاراكايا الذي تبلغ مساحته 268 كيلومتراً مربعاً، وسد هيرفانلي الذي تبلغ مساحته 263 كيلومتراً مربعاً.[14]

بالتوازي مع التنمية الاقتصادية والنمو السكاني، يتزايد أيضاً توليد الطاقة، ففي عام 2019، قد بلغ استهلاك الفرد من الطاقة 3,652 كيلوواط ساعي.[15] ومن الجدير بالذكر هنا أنّ قدرة تركيا على تلبية الطلب من مواردها الخاصة تتناقص تدريجياً، وأصبح اعتمادها الآن على الطاقة المستوردة ما نسبته 70%. يبلغ إجمالي إمكانات تركيا لتوليد الطاقة 433 مليار كيلوواط ساعي/ السنة، وإمكاناتها التقنية 216 مليار كيلوواط ساعي/ السنة، والإمكانات الاقتصادية المتاحة 160 مليار كيلوواط ساعي/ السنة. كما يوجد في البلاد أكثر من 600 محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية، حيث طورت تركيا 42% من إمكاناتها التقنية للطاقة الكهرومائية.[16]

إن إمكانات الطاقة الكهرومائية هي ليست بنفس الهيئة من حيث السمات الجغرافية والمائية، حيث توجد أعلى إمكانات للطاقة في حوض تركيا الرئيسي العابر للحدود، حوض نهر دجلة- الفرات. وفي عام 2005، قد استُمد ما نسبته 47% من الطاقة التي تم توليدها من سدود كيبان، وكاراكايا، وأتاتورك، والتي تقع جميعها على نهر الفرات. وحالياً، تبلغ قدرة المنشآت الحالية لتوليد الطاقة الكهرومائية العاملة والبالغ عددها 575 محطة، 26,400 ميجاواط. [17] واعتباراً من شهر سبتمبر 2021، فقد بات ما نسبته 32% من إنتاج الكهرباء في تركيا يُستحدث من الطاقة الكهرومائية.[18]

مشاريع تنمية المياه الإقليمية الرئيسية

مشروع جنوب شرق الأناضول

قد بدأ العمل على مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) في عام 1977. وقد صمم هذا المشروع كمشروع للتنمية المتكاملة والذي يجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومواكبة الحداثة في القطاع الزراعي. يشمل المشروع إنشاء 22 سداً كبيراً، و19 محطة للطاقة الكهرومائية، وبُنية تحتية للري على نطاقٍ واسع لري حوالي 1,7 مليون هكتار (1,08 مليون هكتار على نهر الفرات، و600,000 هكتار على نهر دجلة).[19]

وحتى الآن، فقد تم الانتهاء من 19 سداً كجزء من مشروع جنوب شرق الأناضول، كما قد حققت استثمارات الري، والتي تعد المحور الرئيسي للمشروع والشرط الأساسي لاستكماله، تقدماً كبيراً، فضلاً عن مساهمة مشروع جنوب شرق الأناضول في توليد الطاقة الكهرومائية. ومنذ عام 2019، فقد تم إنشاء 14 محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية، مما يمنح استثمارات مشروع جنوب شرق الأناضول في مجال الطاقة معدل إنجاز فعلي يبلغ 91,2%. ومع تشغيل محطات توليد الطاقة الكهرومائية، تتمتع المنطقة الآن بقدرة توليد كهرباء سنوية تبلغ 20,6 مليار كيلوواط/ الساعة.[20] وبحلول عام 2019، قد كانت 40% من مشاريع الري المخطط لها قيد التشغيل، و9% أخرى قيد الإنشاء. [21]

مشروع سهل قونية

يهدف مشروع سهل قونية (KOP) لتلبية الطلب على استهلاك المياه للري والأغراض المنزلية والصناعية، ولمنع الضخ الجائر للمياه الجوفية، وضمان التوازن في منسوب المياه الجوفية، وزيادة المحاصيل الزراعية، وإدخال أنظمة الري الحديثة، وتشجيع تربية الماشية وحماية البيئة. وعند استكمال مشروع سهل قونية، سيصبح 1,1 مليون هكتار من الأراضي مجهزة بمرافق للري، وسيتم تزويد 164 مليون متر مكعب من المياه لتلبية الاحتياجات المنزلية والصناعية. [22]

[1] DSİ (Devlet Su İşleri), 2022.
[2] MoEU (Ministry of Environment and Urbanization) and SU (Selcuk University), 2018. Reuse of Treated Wastewater in Turkey, Final Report. Ankara, Turkey.
[3] Nas, B, Uyanik, S, Aygün, A, Doğan, S, Erul, G, Nas, B, Turgut, S, Cop, M and Dolu, T, 2020. ‘Wastewater reuse in Turkey: from present status to future potential.’ Water Supply 20 (1): 73-82.
[4] Ibid.
[5] Bilgehan Nas; Sinan Uyanik; Ahmet Aygün; Selim Doğan; Gürsel Erul; K. Batuhan Nas; Sefa Turgut; Mustafa Cop; Taylan Dolu, Wastewater reuse in Turkey: from present status to future potential, Water Supply (2020) 20 (1): 73-82.
[6] TÜİK (Turkish Statistical Institute), 2018. www.tuik.gov.tr; AA, 2019. ‘6.2 billion cubic metres of water was drawn into water networks.’ Published 8 October 2019.
[7] DSİ (Devlet Su İşleri), 2014. DSİ and Water. Ankara, Turkey, p. 18.
[8] TÜİK (Turkish Statistical Institute), 2021. Crop production statistics, 2021.
[9] TÜİK (Turkish Statistical Institute), 2021. Crop production statistics, 2021.
[10] DSİ (Devlet Su İşleri), 2014. DSİ and Water. Ankara, Turkey, p. 67.
[11] DSİ (Devlet Su İşleri), 2014. DSİ and Water. Ankara, Turkey, p. 70.
[12] DSİ (Devlet Su İşleri), 2014. DSİ and Water. Ankara, Turkey, p. 67.
[13] DSİ (Devlet Su İşleri), 2021. ‘The ratio of modern irrigation systems will increase to 94.’ Published 17 January 2021.
[14] DSİ (Devlet Su İşleri), 2021. Rivers and Lakes.  https://www.dsi.gov.tr/Sayfa/Detay/754
[15] Presidency of the Republic Türkiye, Presidency of Strategy and Budget, 2021. https://www.sbb.gov.tr/enerji-madencilik-gostergeleri/#:~:text=T%C3%BCrkiye’nin%20y%C4%B1ll%C4%B1k%20ki%C5%9Fi%20ba%C5%9F%C4%B1,ki%C5%9Fi%20seviyesinde%20nispeten%20sabit%20seyretmektedir.
[16] Presidency of the Republic Türkiye ,Presidency of Strategy and Budget, 2021. https://www.sbb.gov.tr/enerji-madencilik-gostergeleri/.
[17] AA, 2021. ‘Turkey is among the top 10 countries in the world in hydroelectric installed power.’ Published 1 September 2021.
[18] Ibid.
[19] Bağış, A. I, 1997. ‘Turkey’s hydropolitics of the Euphrates-Tigris Basin.’ International Journal of Water Resources Development 13(4): 567-581, p. 568; Kramer, A, Kibaroglu, A and Scheumann, W (eds), 2011. Turkey’s Water Policy – National Frameworks and International Cooperation. Springer, London, p. 39.
[20] GAP, n.d. GAPta Son Durum.
[21] DSİ (Devlet Su İşleri), 2014. DSİ and Water. Ankara, Turkey, p. 75.
[22] Muluk, Ç. B, Kurt, B, Turak, A, Türker, A, Çalışkan M. A, Balkız, Ö, Gümrükçü, S, Sarıgül, G, Zeydanlı, U, 2013. Türkiye’de Suyun Durumu ve Su Yönetiminde Yeni Yaklaşımlar: Çevresel Perspektif. İş Dünyası ve Sürdürülebilir Kalkınma Derneği – Doğa Koruma Merkezi, p. 34.