سؤال وجواب مع توفيق الحباشنة، الأمين العام لسلطة المياه الأردنية
يُعتبر الأردن بالفعل واحداً من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه في العالم، إلا أنّ تدفق أكثر من مليون لاجئ سوري إلى البلاد شكّل عبئاً إضافياً على موارد المياه المتناقصة في البلاد. التقى موقع فاناك حول المياه بالسيد توفيق الحباشنة، الأمين العام لسلطة المياه الأردنية للتحدث حول تأثير الأعداد المتزايدة للسكان على أزمة المياه.
ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع المياه الأردني؟
يحتل الأردن المرتبة الثالثة ضمن قائمة أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم. ،لذلك يواجه تحديات تعتبر فريدة من نوعها، خصوصاً فيما يتعلق بازدواجية ندرة المياه مع عدم المساواة في توزيعها. هذا وتتمركز مصادر المياه الرئيسية للأردن في أماكن بعيدة جداً عن التجمعات السكانية، والذي يستوجب نقل المياه عبر مسافات طويلة، والأهم من ذلك، ضخ المياه المتواجدة في الأماكن منخفضة إلى المناطق الجبلية (المرتفعة) حيث يتمركز أغلبية سكان البلاد،وهذا أمر مكلفٌ للغاية.
على سبيل المثال، اكتمل مؤخراً مشروع نقل مياه حوض الديسي من جنوب شرق البلاد عبر مسافة تصل إلى 360 كيلومتر إلى العاصمة عمّان. كما نقوم أيضاً بنقل المياه من وادي الأردن (اخفض بقعة في المملكة) عبر محطة زي ومشروع الزرقاء- ماعين. إنّ هذه المشاريع مكلفة للغاية، وبخاصة من حيث تكاليف التشغيل والكهرباء، إذ يتم ضخ المياه إلى ارتفاعات تفوق جدا مستوى تواجدها, إلا أن –هذه المشروعات- ضرورية لإمداد السكان بالمياه.
كما تسبب أيضاً تدفق أعداد هائلة من اللاجئين السوريين منذ عام 2011 بزيادة الضغط على الموارد المائية (الشحيحة أصلا) للبلاد. هذا ويتواجد اللاجئون في جميع أنحاء البلاد إلا أنهم يتمركزون في الجزء الشمالي من المملكة وبخاصة في محافظة المفرق. وتقدّر سلطة المياه الأردنية أن حوالي 22% من إجمالي إنتاج المياه للبلاد يذهب إلى اللاجئين السوريين. وإذا ما نظرنا فقط إلى محافظات الشمال، نجدّ أن النسبة تقدّر بـ 35%.
ما هي الحلول المطروحة؟ وكيف يمكن للحكومة أن تتعامل مع هذه التحديات مجتمعة: الندرة الطبيعية للمياه، والضغوطات بسبب النمو السكاني، وقلة الموارد؟
تعتبر المشاريع مثل مشروع الديسي -الذي سبق وذكرته- من اهم الطرق لمواجهة هذه التحيات. مثلا, منذ تشغيل المشروع عام 2014، يصلنا 100 مليون متر مكعب إضافي في السنة. كما عمدت الحكومة إلى حفر العديد من الآبار في محافظات الشمال لزيادة إمدادات المياه الجوفية في هذه المناطق.
ولكن ألا يسبب هذا سحباً جائراً لمصادر المياه الجوفية؟
لا يمكن إنكار هذا، لكننا لا نملك أي خيار آخر في الوقت الحالي. المياه ضرورية للحياة؛ يمكنك انتظار الكهرباء، ويمكنك انتظار الغذاء، ولكن لا يمكنك البقاء على قيد الحياة دون شرب الماء.
ماذا عن قضايا تلوث المياه في سياق أزمة اللاجئين؟
تعدّ هذه من احد المشاكل التي تواجهنا أيضاً، إذ يقع مخيم الزعتري -وهو أكبر مخيم للاجئين- في شمال الأردن على أفضل حوض للمياه الجوفية في المنطقة. قد يؤدي تسرب مياه الصرف الصحي من المخيم الى تلوث الحوض. حاليا, يتم تخزين مياه الصرف الصحي في حفر امتصاصية والتي يتم نقلها لاحقا عبر صهريج إلى محطة الأكيدر ليتم معالجتها هناك. كما أننا على وشك تشغيل محطتين متحركتين (لمعالجة مياه الصرف ) بدعم من اليونيسف في مخيم الزعتري، مما سيسمح لنا بمعالجة المياه في المنطقة وإعادة استخدام هذه المياه في الزراعة.
استقر كثير من اللاجئين أيضا خارج المخيمات (في القرى والمدن)، هل تشكل هذه الممارسات ضغوطات على الخدمات البلدية والمجتمعات المحلية؟
بالتأكيد، هذه مشكلة ضخمة. على سبيل المثال، تضاعف عدد سكان مدينة مثل المفرق، والتي كان يبلغ تعدادها السكاني حوالي 65,000 نسمة قبل 2011، لأكثر من 130,000 نسمة. خلق هذا مشكلة كبيرة بالنسبة لتوزيع المياه على السكان وزيادة الضغط على خدمات الصرف الصحي. على سبيل المثال, باتت الشقق التي كانت تستخدم لإيواء أربعة أو خمسة أشخاص تستوعب في الوقت الحالي ما يصل إلى 50 فرداً. ومن الواضح أن شبكة المياه لا تستطيع التعامل مع هذه الأعداد.
كيف يتكيف المجتمع المحلي مع هذه المشكلات؟
أثّر تدفق اللاجئين على المجتمعات المحلية المضيفة من جميع الجوانب. لا نتحدث هنا عن قطاع المياه فقط، إذ أثر أيضاً على القطاع الصحي، والتعليمي.حالياً, أصبحت المدارس تعمل بنظام الفترتين لاستيعاب الأعداد الكبيرة جداً من الطلاب. كما أثر هذا على الأنظمة الاجتماعية، ففي السابق إذا ما أراد شاب على سبيل المثال الزواج، فإن كان بإمكانه استئجار شقة صغيرة بما يقارب الـ70 دولاراً، أما الآن يضطر إلى دفع أكثر من 350 دولار لاستئجار هذه المساحة الصغيرة. هذا ويبلغ الحد الأدنى للأجور في الأردن 270 دولاراً، وعادةً ما تكون هذه مجتمعات فقيرة وبالتالي لا يستطيع أفرادها تحمّل هذه الأسعار المرتفعة.
ما هي خطط الأردن لمعالجة هذا الوضع على المدى الطويل؟ من ناحية، تعتبر هذه من الحالات الطارئة، ولكن من غير المرجح في الوقت الحالي انتهاء الأزمة السورية في القريب العاجل، لذا تبرز الحاجة أيضاً لوجود خطط استراتيجية للتعامل مع الطلب المتزايد على المياه وغيرها من الخدمات.
لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل. وبالتأكيد، نحن نأمل بأن تتحسن الأوضاع ليتمكن اللاجئون من العودة إلى ديارهم في أقرب وقت، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نبذل قصارى جهدنا لمساعدتهم. الوضع هنا يتعلق بالتعامل بإنسانية، إذ يوجد أطفال ونساء وكبار في السن يعبرون الحدود بعد أن فقدوا كل شيء.
وعلى مدى العامين الماضيين، وبدعم من المجتمع الدولي، كنا قادرين على تنفيذ عدد من المشاريع، ولكن هذا لا يكفي. ومن الواضح بشكل متزايد أن علينا أيضاً تقديم الدعم للمجتمعات المحلية المضيفة التي غالباً ما تعاني هي أيضا من الفقر وتكافح من أجل تغطية نفقاتها. فمن الضروري هنا أن نعالج هذا حتى نتجنب التوترات التي قد تحدث بين اللاجئين والمجتمعات المحلية.