كما هو موضح في قسم الموارد المائية، فإن معظم موارد المياه في الأردن (السطحية والجوفية) تتم مشاركتها مع الدول المجاورة، وتنشأ غالبية هذه الموارد المشتركة خارج البلاد. وقد أثرت العلاقات الإقليمية المتقلبة على وصول الأردن إلى هذه الموارد المشتركة عبر تاريخ البلاد، وفي العديد من الحالات، قد حصل الأردن على أقل من نصيبه العادل من المورد، حيث إن جيران المنبع يفرطون في استغلال الأنهار ومصادر المياه الجوفية من خلال بناء السدود والتحويلات والضخ. وبالتالي، فإن وصول الأردن إلى مياه نهريّ الأردن واليرموك يتأثر بحقيقة أن إسرائيل وسوريا تستخرجان كميات كبيرة من المياه عند المنبع. وبالمثل، فإن موارد المياه الجوفية متنازعٌ عليها لأن جزءاً كبيراً من المياه الجوفية في الأردن يأتي من طبقات المياه الجوفية المشتركة مع سوريا والمملكة العربية السعودية.
المعاهدات والاتفاقيات
1. خطة جونستون
قد كانت خطة جونستون لعام 1955 أول محاولةٍ لمعالجة الموارد المائية المشتركة بعد التقسيم السياسي للأمم المتحدة للمنطقة في عام 1947. وقد حددت الخطة اتفاقية تخصيصٍ لمياه حوض نهر الأردن بين الدول التي تشترك في هذا المورد، وبحسب الخطة، ستذهب 55% من المياه المتوفرة في الحوض إلى الأردن، و26% لإسرائيل و9% لكلٍ من لبنان وسوريا. [1] وقد تمت الوساطة من قِبل الأمم المتحدة، ووافقت اللجان التي تمثل كل دولة على المخصصات، ولكن لم يتم قط المصادقة على الخطة. وبدلاً من ذلك، فقد نفذت كل دولة على ضفاف نهر الأردن مشاريع أحادية الجانب، متجاهلةً الحصص المحددة لكلٍ منها. وعلاوةً على ذلك، فقد تدهور منسوب المياه نهر الأردن السفلي بشدة اليوم، كما قد نوقش سابقاً.
2. معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل
كجزءٍ من معاهدة السلام لعام 1994، فقد توصل الأردن وإسرائيل إلى اتفاقٍ بشأن توزيع مياه نهر الأردن. وعلى الرغم من أن خطة جونستون خصصت الحصة الأكبر من مياه النهر للأردن، إلا أن إسرائيل وافقت بموجب معاهدة السلام على نقل 50 مليون متر مكعب/ السنة فقط من المياه من بحيرة طبريا إلى الأردن. وبالإضافة إلى ذلك، فقد اتفق البلدان على العمل معاً لمعالجة النقص المستمر في منسوب المياه في حوض نهر الأردن من خلال تقليل الفاقد، ومنع التلوث، وتطوير المزيد من الموارد المائية.[2]
3. الاتفاقيات مع سوريا
قد وقع الأردن وسوريا أول اتفاقية ثنائية بشأن نهر اليرموك في عام 1953. وبينما لم تحدد الاتفاقية تخصيص الموارد المائية، إلا أنها قد عالجت الري وتوليد الطاقة من خلال بناء السدود المختلفة على النهر. وقد نتج عن الاتفاقية أيضاً إنشاء لجنة ثنائية مسؤولة عن مراقبة وحل أي نزاعات أو غيرها من القضايا التي تنشأ بين البلدين حول نهر اليرموك، عن طريق التحكيم.[3]
وقد تم تعديل اتفاقية عام 1953 بمعاهدة عام 1987 بين البلدين، والتي التزم الأردن بموجبها بتغطية جميع التكاليف (من التخطيط إلى الصيانة المستمرة) لسد الري الرئيسي الذي سيتم بناؤه على نهر اليرموك على الحدود الأردنية السورية. ويُعرف هذا السد بأسماء مختلفة مثل سد المقارن وسد الوحدة. كما قد نصت المعاهدة على السماح لسوريا ببناء ما يصل إلى 25 سداً إضافياً على النهر، مع الالتزام بتزويد الأردن بالمياه من النهر. وقد تم إنشاء لجنة جديدة بصلاحيات رقابية أقل ودون صلاحياتٍ للتحكيم. وقد أسفرت الاجتماعات الثنائية في عام 2001 عن قرارٍ بتقليص حجم وقدرة السد الرئيسي. وقد بدأ بناء السد في عام 2004 واكتمل في عام 2005، ومع ذلك، فقد كان تدفق المياه التي تصل السد أقل مما توقع الأردن.
وبموجب اتفاقية عام 1987، فإنه يحق لسوريا استخدام 6 مليون متر مكعب / السنة من مياه المصب على سد الوحدة لري الأراضي على طول ضفة النهر. ومع ذلك، فمنذ توقيع الاتفاقية، قد زادت سوريا عدد السدود التي تم إنشاؤها على طول مجرى النهر وروافده من 26 إلى 48 سداً، كما قامت ببناء حوالي 3500 بئر لضخ المياه لري المزارع خارج حوض النهر. وكما وجدت الدراسات الحديثة، فإن المشكلة الرئيسية تكمن في أن الاتفاقية قد ناقشت وغطت فقط موارد المياه السطحية وليس موارد المياه الجوفية. وبالتالي، فإن ضخ سوريا للمياه الجوفية من نفس الحوض (اليرموك) قد أثر سلباً على تدفق النهر وبالتالي على الكمية التي تتدفق إلى الأردن. وقد أدى ذلك إلى سوء فهم وجدل حول احترام سوريا للاتفاق. ومن وجهة نظر الأردن، فقد فشلت سوريا باستمرار في تزويد الأردن بكمية المياه المتفق عليها، على الرغم من الدعوات الدبلوماسية الأردنية المنتظمة لسوريا للوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدة.[4]
4. الاتفاقيات مع المملكة العربية السعودية
قد أبرمت المملكة العربية السعودية والأردن اتفاقية في عام 2015 بشأن حوض الديسي المشترك للمياه الجوفية. ويطلق على طبقة المياه الجوفية اسم الديسي على الجانب الأردني و”الساق” على الجانب السعودي. وتقع معظم طبقة المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية – حوالي 65,000 كيلومتر مربع – و4,000 كيلومتر مربع فقط في الأردن. ووفقاً لاتفاقية 2015، فقد تم حظر حفر الآبار في منطقة عازلة بطول 10 كيلومترات على جانبي الحدود. علاوةً على ذلك، فإن الاتفاقية توضح خططاً لمنع تلوث المورد المشترك، والذي يجب استخدامه للأغراض المنزلية والبلديات وليس للزراعة. وكما قد ناقشنا سابقاً، فقد بدأ الأردن في ضخ المياه من حوض الديسي الجوفي إلى شمال البلاد للاستخدامات المنزلية والبلديات.
[1] Phillips, DJ et al., 2007. ‘The Jordan River Basin: 1. Clarification of the allocations in the Johnston Plan.’ Water International 32(1): 16-38; UN-ESCWA, 2010. ‘Shared water resources in the western Asia region: An inventory of shared aquifers and aquifer systems.’
[2] Manna, M, 2006. ‘Water and the Treaty of Peace between Israel and Jordan.’ Macro Center Working Papers (33); Talozi, S et al., 2019. ‘What constitutes an equitable water share? A reassessment of equitable apportionment in the Jordan–Israel water agreement 25 years later.’ Water Policy 21(5): 911-933.
[3] Rosenberg, D, 2006. ‘The Yarmouk River agreements: Jordan-Syrian transboundary water management, 1953–2004.’ The Arab World Geographer 9(1): 23-39; Hussein, H, 2017. ‘Whose ‘reality’? Discourses and hydropolitics along the Yarmouk River.’ Contemporary Levant 2(2): 103-115; Hussein, H and Grandi, M, 2017. ‘Dynamic political contexts and power asymmetries: The cases of the Blue Nile and the Yarmouk Rivers.’ International Environmental Agreements: Politics, Law and Economics 17(6): 795-814; Zeitoun, M et al., 2019. ‘The Yarmouk tributary to the Jordan River I: Agreements impeding equitable transboundary water arrangements.’ Water Alternatives 12(3): 1064-1094.
[4] Ibid.